Today I Stand Up
لنعد الى الاردن المسؤولية
غي بخور
05/02/2010
مثلما هو واضح اليوم بقدر أكبر بكثير بان غزة تعود الى مصر اكثر مما هي تعود لاسرائيل، حيث يغلق المصريون الانفاق بسور من الفولاذ ويفتحون رفح، حان الوقت للمرحلة التالية في فك ارتباط اسرائيل عن مشاكلها العضال التي تثقل عليها كالاثقال. حان الوقت لان يعود الاردن الى دوره التاريخي في شؤون ضفته الغربية. الاردنيون يصرخون في كل زاوية في العالم، وعن حق كبير، بانه يجب التقدم في المسيرة الفلسطينية، واذا كان كذلك من يطلب بلطف، ينفذ بلطف. حان الوقت لان يتجندوا هم ايضا الى القضية. اسرائيل أسدت جميلا للاردن في 1967، حين قطعته عن مشاكل الفلسطينيين في الضفة تماما مثلما اسدت جميلا لمصر حين قطعتها عن غزة. هذا الغباء الاسرائيلي يجب أن ينتهي، وفورا. الاردنيون بالطبع مذعورون من امكانية أن يعودوا لمعالجة شؤون الفلسطينيين، مثلما هم المصريون مذعورون وفعلوا كل شيء كي لا تفك اسرائيل ارتباطها عن محور فيلادلفيا ولكن لا مفر من ذلك. دولة فلسطينية صغيرة لن تكون قابلة للحياة، الا اذا كان لها اتصال مباشر وواضح مع الاردن، الذي يوجد فيه على أي حال، اغلبية فلسطينية متماسكة، وولي العهد هو بذاته نصف فلسطيني. كيف يمكن لاسرائيل أن تنفذ هذا؟ بفتح معبر اللنبي لعلاقة اردنية فلسطينية مباشرة، دون تدخل اسرائيلي. في اللحظة التي يحصل فيها هذا، فان المسؤولية الامنية والسياسية ستقع بأسرها على كاهل الاردنيين، الامر الذي اعفيناهم منه على مدى ثلاثة عقود ونصف عقد. صحيح، من شأن الامر أن يجلب الارهاب، ولكن نحن نعرف كيف نعالج الارهاب، مثلما اثبت الجيش الاسرائيلي قبل سنة في رصاص مصبوب حين حطم حماس وبنى ردعا لعشرات السنين. يوجد اليوم ايضا جدار الفصل. مواصلة أخذ المسؤولية عن سلامة الفلسطينيين المعادية؟ لم تعد هذه مصلحة لاسرائيل. حان الوقت لادخال الاردن ايضا الى المعادلة، مثلما ادخلت مصر الى المعادلة في غزة. بصفتها دولة مسؤولة وذات علاقات مع اسرائيل، يمكن الاعتقاد بان الاردن سيحبط كل مشكلة امنية ليس من أجل اسرائيل، بل لان الامر سيمس بأمنه الوطني، بالضبط مثلما تفعل الان مصر مع سورها الفولاذي. معبر اللبني سيكون اتصال الاردن بالفلسطينيين، وتنزع فيه المسؤولية الامنية الاسرائيلية تماما. وتستخدم اسرائيل معابر حدود اخرى الى الاردن.وهكذا تعود العلاقات بين الاردنيين والفلسطينيين لتكون مباشرة، دون أن يكون أي حراك في يهودا والسامرة بالنسبة للاستيطان اليهودي. لا صلة بين الامور. الاردنيون والفلسطينيون سيكونون مسؤولين عن الموضوع العربي بل ومن الطبيعي أن يلتقوا دون تدخل اسرائيلي. احد لا يمكنه أن يعارض خطوة بهذه الطبيعية، وعندها، إن شاء الاردنيون، فسيوافقون على دولة فلسطينية، وان لم يشاؤوا، فلن يوافقوا. اذا سيكون أمرا عربيا داخليا، بالضبط مثلما يمكن للمصريين أن يوافقوا على دولة فلسطينية في غزة، او لا يوافقوا.
فتح المعبر امام علاقة اردنية فلسطينية حرة سيخلق تفاعلا منعناه حتى اليوم خطأ. اليوم، في معبر اللبني يوجد الجيش الاسرائيلي، الذي يغلق، يحرس، يحقق ويفحص. كل فلسطيني يعود يخضع للرقابة الاسرائيلية الشديدة. بعد الخطوة المقترحة هنا لن تكون هناك رقابة اسرائيلية على الاطلاق، الامر الذي لا بد سيفرح الاردنيون والفلسطينيون برؤيته، والعبء الامني، وكذا المسؤولية الدولة، ستلقى على عاتق الاردن. حان الوقت لان تكف اسرائيل عن تنفيذ العمل الاسود نيابة عن الاردنيين مثلما كفت عن عمله نيابة عن المصريين. بالضبط مثلما عادت المسؤولية عن غزة، عمليا، الى يد مصر، فان المسؤولية عن الضفة الغربية يجب أن تعود الى الضفة الشرقية. وما يقررون عمله في الضفتين يصبح شأنهم الداخلي.
يديعوت 4/2/2010
كلينتون: ندين الدكتاتوريات التي تلاحق مثقفيها وحرية الإنترنت أحد أولوياتنا
انتقدت وزيرة الخارجية الاميركيه هيلاري كلينتون بعض الدول التي أقامت جدرانا على الانترنت لحرمان مواطنيها من الانترنت، واصفة إياهم بأولئك الذين "يخالفون حق البشر في التواصل مع بعضهم البعض وقالت "أن الانترنت يعني الاتصال وليس الانقسام"..وأكدت كلينتون في كلمة ألقتها أمام المؤتمر الذي يعقد في العاصمة الأميركية واشنطن للدفاع عن حرية البشر في التعبير عبر الإنترنت أن الولايات المتحدة لن تقف متفرجة والشعوب محرومة من حرية التعبير على الانترنت ومن حرية الوصول للمعلومة واستعمال الانترنت.وقالت أن "التحدي الأساسي في القرن الواحد والعشرين يتمحور حول كيفية تمكين الشعوب من استعمال الانترنت بالرغم من الرقابة التي تفرضها الحكومات التسلطية والدكتاتورية، مبينه أن الولايات المتحدة ستجد الطرق المناسبة لجعل حرية الإنسان وحقوق الإنسان على الانترنت حقيقة قائمه"..وانتقدت كلينتون حكومات العالم الثالث التي تحجب المواقع عن شعوبها، وقالت إن الولايات المتحدة بصدد تطوير آليات لتزويد الشعوب المحرومة من الانترنت للالتفاف حول رقابة الحكومات التي تحجب المواقع عنهم.وبينت كلينتون أن الولايات المتحدة تعتبر حرية التعبير على الانترنت من أحد أولوياتها، وإنها تمد يدها لشركاء داخل الولايات المتحدة وخارجها للتأكيد على حرية التعبير واستخدام الانترنت.وأضافت إن قدرتنا على استمرار أعمالنا على الانترنت ستكون بخطر إذا لم نتمكن من إيجاد صيغه لأمن الانترنت.. وبهذا الصدد تنتظر أميركا من الصين أن تقوم بإجراء تحقيق كامل وشفاف عما حدث مع شركة جوجل.وشددت كلينتون أن الولايات المتحدة تدين الدكتاتوريات التي تقوم بملاحقة مثقفيها الذين يستخدمون الانترنت كما هو الحال في إيران، مؤكدة أن الانترنت يستطيع تجسير الفجوة بين مختلف الثقافات. وهنا قالت"علينا التأكيد على حرية العبادة على الانترنت".وأفادت كلينتون أن الولايات المتحدة ستقوم بحماية فضائها الالكتروني من الدول التي ترعى الإرهاب وستكرس أميركا وسائل سياسية ودبلوماسيه لدفع هذه الحريات، وستطور آليات جديدة لتمكين الأفراد من الالتفاف على القرارات الحكومية التي تمنعهم من حرية الوصول إلى الانترنت، وستقوم الولايات المتحدة بتوفير الأموال والبرامج لهذه الغاية.وأضافت إن الرئيس اوباما سيعين مستشارا لأمن الفضاء الإلكتروني، وإن الدول التي تخالف هذه التوجهات ستخاطر بإبقائها خارج التطور في القرن الواحد والعشرين.
1/21/2010
الصحافة الاردنية تقترح على الحكومة مواجهة ارهاب الجيران بدلا من غزو كابول
عمان ـ القدس العربي ـ من بسام البدارين ـ شعرت الصحافة الالكترونية في الاردن بقليل من الارتياح الاسبوع الماضي بعد صدور التصريح الاول للمستشار السياسي لرئيس الحكومة سميح المعايطة الذي نفى فيه وجود نوايا حكومية لتشريع قيود على صحف الشبكة، وهو تصريح جاء بعد خطاب وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الذي دافعت فيه عن حريات الانترنت لشعوب العالم الثالث.ويفترض ان يمتص تعليق المعايطة حالة الغضب والقلق التي تجتاح المواقع الصحفية خوفا من قانون حكومي جديد يقيد حرياتها ويساويها بالمطبوعات الورقية من حيث شروط الترخيص والمسؤولية القانونية ومراقبة التعليقات، لكن الجدل استمر في البلاد على المستوى الصحافي حول المضايقات الاسرائيلية للاردن والمشاركة الاردنية في حملة مكافحة الارهاب كما ناقشت مقالات صحافية مجددا مسألة سحب الجنسيات بموجب قرارات فك الارتباط.وهاجم الكاتب خالد محادين بقسوة تصريحات وزير الخارجية ناصر جوده بعدما ارسل تهديداته عبر البحر والجو والارض الى حركة طالبان الارهابية وتنظيم القاعدة الارهابي، وقال انه بدأ يتخيل ردة فعل قادة القاعدة بعد انتهاء المؤتمر الصحافي لهيلاري وناصرجوده، واضاف: كان واضحا ان تهديدات السيدة الفاضلة لم تستوقفهم قليلا او كثيرا اذ هم مقتنعون ان امرأة فشلت في حماية زوجها من دلع واغراء وانحراف صبية مراهقة لا يمكن ان تخيف شعبا يقاتل تحت يقين وقناعة ان الله معه وخلفه والى جانبه، فتجاوزوا تهديدات الست وركزوا على تهديدات زلمتنا.وشرح محادين: لا اعرف كم هي المسافة بين عمان وكابول او بين الاردن وافغانستان، وربما تكون آلاف الكيلومترات، وان نذهب هناك لمكافحة الارهاب، فهذا يعني اننا من عدائي المسافات الطويلة كالماراثون، وما دام الهدف في غزوتنا في افغانستان هو المشاركة في الحرب على الارهاب فان الامر المؤكد ـ ولا اخفي هنا سرا عسكريا - ان المسافة بيننا وبين الارهاب الامريكي ـ الاوروبي ـ والصهيوني في فلسطين لا تزيد عن اربعين كيلومترا، والمسافة بيننا وبين هؤلاء الارهابيين في العراق لا تزيد عن الف كيلومتر، وكذلك المسافة بين ارهاب الارهابيين الحقيقيين من صهاينة وحلفائهم في غزة، وفي لبنان فإنها اقصر من المسافة بين مدينة افغانية ومدينة اخرى.وفي موضوع آخر وبعد مقدمة حول جدل الجنسيات قال ياسر ابو هلالة في صحيفة "الغد" انه في التجديد للوزير نايف القاضي رسالة واضحة ان لا رضوخ للابتزاز الصهيوني، في المقابل لا يجوز بقاء الاوضاع كما هي.. حتى الاسم غير مناسب "متابعة وتفتيش" مع ان وزارة التربية الغت منذ عقود مسمى "التفتيش التربوي" وحل مكانه "الاشراف التربوي". والخطأ في المتابعة والتفتيش ليس خطأ في تمديد شبكة مياه بل خطأ يمس حق المواطنة، وهو حق لولا الاحتلال والتهجير لظل محصورا بمجلس الوزراء في احوال حددها الدستور. وقال الكاتب: يستطيع الوزير من موقع القوة ان يعيد هيكلة الدائرة وفق الفلسفة التي اسست من اجلها بشكل يحافظ على حق المواطن في جنسيته وحقه في العودة الى الارض المحتلة، تماما كما يسهل حياة الصامدين الذين يشكل وجودهم على ارضهم قنبلة ديموغرافية في حضن دولة الاحتلال ولا يجوز ان يقرر موظف بجرة قلم موضوع الجنسية حتى في ظل الهدف السياسي النبيل، لا بد من ان يكون على رأس دائرة كهذه قاض متقاعد مشهود له بالفقه والاستقامة والوعي، ولا بد من فتح باب الشكاوى بأثر رجعي لاعادة الحقوق الى اصحابها بسرعة ومن دون مماطلة. فاللجوء الى المحاكم مرهق ماليا ومعنويا، وفي النهاية تعتبر محكمة العدل العليا الاجراءات في اطار قرارات السيادة. وفي نفس السياق والصحيفة تحدث الدكتور محمد ابو رمان متسائلا: هل من المقبول ان نمارس الصمت والتجاهل لكثير من القصص التي تحدث بين ظهرانينا لمن تقوم وزارة الداخلية بسحب جنسياتهم، من دون وجود معايير رقابية وقانونية تتيح لهم الاستدراك على قرار مصيري يمس مستقبلهم وحياتهم في ابسط حقوق الانسان؟!وتحدث ابو رمان عن حالة محددة لشاب فقد جسنيته بعد ان سحبت من والده عام 2005 عندما ذهب لامتحان الثانوية العامة، وقال: ما حدث مع ليث احمد كامل ابن العشرين عاما بمثابة قصة من آلاف الحالات، منذ سنوات، وليس فقط في عهد الوزير الحالي نايف القاضي، وفي جزء كبير من هذه القصص جانب انساني مرعب، واعترف انني اتلقّى عشرات الاتصالات والايميلات، حول قصص مشابهة، وقد راجعت في بعضها الاخوة في وزارة الداخلية.وقال: منذ البداية، عندما اثيِرت قصة "سحب الجنسيات" او "تصويب الاوضاع" (كما تعرّفها وزارة الداخلية)، كتبتُ انّنا نوافق على الجانب السياسي السيادي الذي يصب مباشرة في اطار المواجهة مع المخططات الاسرائيلية لتغيير الهوية السكانية في الضفة الغربية والقدس، وحماية حق العودة رمزيا وسياسيا لمئات الآلاف من الفلسطينيين، الذين يمتلكون جنسيات اردنية (بطاقات صفراء) لكن، آليات تطبيق هذه السياسات غير صحيحة، ولا مؤسسية، وتعتمد على اجتهاد عدد من الاشخاص، وعلى رمي الكرة في ملعب المواطن ليقوم وحده بمطاردة اسرائيل، وتحمل الكلفة المالية والنفسية المرتفعة، وكثير ممن تسحب منهم البطاقات، لا ظهر لهم ولا سند، ولا يملكون حماية قوت يومهم، حتى نطالبهم برفع دعاوى امام القضاء الاسرائيلي، و"مباطحة" مؤسسات مخضرمة هناك في هذه اللعبة.وتحدث الكاتب في صحيفة "العرب اليوم" فهد الخيطان عن الضغوط والمضايقات الاسرائيلية بعد حادثة العدسية مسجلا تعاظم الشعور بالكراهية والعداء تجاه اسرائيل جراء سياساتها العدوانية وتنكرها للسلام العادل الشامل، وقال: العملية تمت بعبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب الطريق انفجرت مع مرور الموكب الدبلوماسي الاسرائيلي. شهود وصحافيون عاينوا الموقع يرجحون بان العبوة تم تفجيرها لاسلكيا وهو الامر الذي دفع للاعتقاد بان جهة تملك قدرة استخبارية على رصد الموكب وحركة سيره تقف وراء العمل ولديها من الامكانات والخبرات الفنية ما يؤهلها لتصنيع عبوة من هذا النوع. لكن هذا التحليل لا يعني بالضرورة ان جهة خارجية هي التي نفذت العملية اذ يصعب على محترفين بتصنيع المتفجرات من تنظيم خارجي ان يدخلوا الى البلاد وينجزوا هذا العمل في منطقة شبه عسكرية من دون ان تلاحظهم الاجهزة المختصة سواء وهم في مرحلة التحضير والرصد لحركة الدبلوماسيين او عند زرع العبوة على جانب طريق دولي يشهد حركة نشطة للسيارات على مدار الساعة.
الاحتمال المتبقي هو ان يكون العمل محلي الطابع نفذته مجموعة غير معروفة من قبل التقى افرادها على هذا الهدف كما هو الحال مع العشرات من الخلايا التي ضبطت من قبل.
وشدد الكاتب الخيطان على انه في كل الاحوال سيكشف التحقيق غموض التفجير، لكن ايا كانت النتيجة فان ما حصل لا يعني ان هناك تقصيرا امنيا اردنيا وعلى الاسرائيليين ان يدركوا بانهم لن ينعموا بالامن في فلسطين او خارجها ما لم تنعم به شعوب المنطقة وفي المقدمة منهم الشعب الفلسطيني. وفي صحيفة "الرأي" قال الكاتب طارق المصاروة: بعشرة الاف جندي امريكي في هاييتي، يحق للرئيس شافيز ان يتساءل: اهي مساعدة لضحايا الزلزال ام احتلال؟
لكن اوضاع هاييتي، وقد لا يعرف الكثيرون هذه الاوضاع الاقتصادية والامنية المزرية، فان الامين العام للامم المتحدة طلب ثلاثة آلاف وخمسمائة جندي اضافي من معتمري القبعات الزرقاء.. الى جانب زملائهم المرابطين منذ سنوات فالمطار الوحيد في هاييتي متآكل، ولا مخازن مؤهلة لتكديس مواد الاغاثة والناس جوعى قبل الزلزال فكيف بعده، ولا بُدَّ من حماية مواد الاغاثة منهم، وحماية مخازنها، وطرقها والمؤسسات المشرفة فجهاز الدولة ضرب هو الاخر! - والامن مفقود قبل الزلزال، وهناك قوات للامم المتحدة مرابطة هناك لحماية الحياة الانسانية، ومساعدة الدولة في اداء واجباتها! العارفون بالامر- يقول المصاروة - ودارسو تاريخ المنطقة والكاريبي يقولون: ان الامريكيين نزلوا للاغاثة وسيبقون لعقود طويلة قادمة. ولعل هذا من حظ الهاييتيين المساكين الذين يمكن ان يعملوا في تقديم الخدمات اللازمة للجيش الضيف".
كما ان المعونات سترتفع ليكون البلد لائقا بـG.l s، ولبيان الكرم الامريكي في المدن الكبرى.. ومدن الصفيح. ففي الخمسينيات ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية كان هناك منتجعان لتسلية اغنياء امريكا: واحد سوي في كوبا حيث كازينوهات القمار، والبارات، والفنادق الملونة.. وهذه انتهت بانتصار ثورة فيدل كاسترو، اما المنتجع الثاني فكان غير سوي.. وفيه شطآن بيضاء كالثلج، وفنادق، وصبيان وشباب في خدمة الاغنياء اهل الشذوذ! وقد استبدل المستثمرون هافانا وهاييتي بمباذل لاس فيغاس.. وها نحن نتابع!
زيارة ميتشل إلى لبنان تعيد إلى الواجهة ملف الحقوق المدنية لآلاف الفلسطينيين
22/01/2010
بيروت - 'القدس العربي' من سعد الياس:
بعد تأكيد المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل أن لا توطين للفلسطينيين في لبنان، نوّهت أوساط رسمية لبنانية بهذا الموقف الأمريكي الجديد بعدما سُجلت في واشنطن طيلة السنوات الفائتة اقتراحات متعددة في الكونغرس لتوطين الفلسطينيين في البلدان التي يقيمون فيها إضافة إلى اقتراح بعض نواب البرلمان الأوروبي منح الفلسطينيين اللاجئين جنسية الدول المضيفة.وإذا كان من شأن هذا التأكيد الأمريكي أن يدفع بعض القيادات اللبنانية إلى عدم التركيز في خطاباتها كثيراً على 'فزاعة التوطين' متجاهلة إعلان أكثر من مسئول فلسطيني تمسكه بحق العودة، فإن الأنظار تتجه لمعرفة ما آل إليه البحث في مسألة الحقوق المدنية للفلسطينيين التي أصيبت بدورها بنكسة بعد الإعلان عن سقوط اقتراح بإنشاء وزارة دولة في لبنان للشؤون الفلسطينية يتولاها الوزير وائل أبو فاعور. ولكن بحسب معلومات 'القدس العربي' إن مسألة الحقوق المدنية لم توضع بعد على السكة السريعة أو أنها تسير على طريقة السلحفاة، ورغم كل المؤتمرات والتصريحات حول تبني هذه المسألة فإن أي تطور لم يُسجّل بعد ولم يُدرج على جدول أعمال أي جلسة نيابية اقتراح لإعطاء هذه الحقوق أو لتعديل قانون تملك الأجانب بما يسمح للفلسطيني بالتملك أسوة بالرعايا العرب في ظل وجود معارضة ضمنية لدى بعض الأطراف لمثل هذا التوجه، ما يبقي العناوين المرفوعة حول القضية الفلسطينية حبراً على ورق.ويبدو أن عنواني 'إعطاء الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان' و'التوطين' يتداخلان يبعضهما البعض أو أن البعض يعمل على ربطهما سعيا لضرب تنفيذ الأول بحجة الثاني، لتتضاعف بذلك مأساة الفلسطينيين منذ أكثر من 61 عاما ولتزداد حدة الفقر والمعاناة في المخيمات.وتتلخّص مطالب الفلسطينيين بما يلي:
1 ـ حق العمل: السماح للفلسطينيين في لبنان بممارسة جميع المهن، وفي إطار تشريعي وقانوني يحفظ لهم حقوقهم حال القيام بواجباتهم الوظيفية.
2 - حق التملك: إعطاء الفلسطيني حق التملك في لبنان، وتعديل قانون التملك الذي استثناه ومنعه من تسجيل العقارات باسمه.
3 - اعمار المخيمات وخدماتها: المساعدة في دفع الأونروا لصيانة وتطوير البنى التحتية للمخيمات والسماح بإدخال مواد البناء إلى هذه المخيمات.
4 - تنظيم الإجراءات الأمنية في محيط المخيمات.
5 - إعادة تسجيل اللاجئين المشطوبين من القيود في لبنان.
6 - معالجة قضية فاقدي الأوراق الثبوتية.
ويعتبر مسئول الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علي فيصل الذي جال على بعض المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية 'أن هذه المطالب الفلسطينية لا تتعدى كونها حقوقاً للاجئ أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبروتوكول جامعة الدول العربية وكل المواثيق الدولية التي صدّق عليها لبنان'، ويرى 'أننا اليوم أمام اندفاعه جديدة سعياً لبدء إعطاء الفلسطيني اللاجئ حقوقه'.وقال: 'نلمس تفهماً أكبر من قبل اللبنانيين لهذه الحقوق فقد أصبح الموضوع نوعا ما محرجاً للدولة اللبنانية بعد مرور أكثر من 61 عاماً على النكبة'.ولفت إلى 'أن الخشية تبقى من أن تستخدم الحقوق المدنية كإحدى قضايا التجاذبات السياسية في لبنان'، مشدداً على 'أن إعطاء اللاجئ حقوقه لا يعني أبدا الرضوخ للتوطين'.وأضاف: 'بالعكس تماماً فتوفير هذه الحقوق يريح اللاجئ ما يجعله يتفرّغ لقضيته ويتمسّك أكثر فأكثر بالمقاومة وبالعودة إلى أرضه'، مشدداً 'على ضرورة أن يكون هناك موقف فلسطيني موحّد ولوبي لبناني ضاغط لإنهاء التمييز العنصري'.
خلاف فلسطيني إسرائيلي حول السيطرة على غور الأردن
نتنياهو يكيل المديح لمبارك لوقفه التهريب إلى غزة
22/01/2010
رام الله ـ الناصرة ـ 'القدس العربي' من وليد عوض وزهير اندراوس: بدأ المبعوث الأمريكي الخاص بالسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل أمس الخميس احدث جولاته المكوكية بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعقد لقاء مع وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك. وتأتي زيارة جورج ميتشل كجزء من الجهود الأمريكية المتعثرة لدفع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات بعد انهيارها العام الماضي قبل الانتخابات الإسرائيلية في شباط (فبراير) الماضي التي شهدت عودة حزب الليكود المتشدد إلى السلطة. وقال بيان مقتضب صادر عن مكتب باراك أن الاجتماع الذي دام ساعتين ركز على الخطوات الضرورية لتحريك عملية السلام. كما ناقش الجانبان الخطوات التي اتخذتها إسرائيل في مسعى لتسهيل استئناف محادثات السلام. وتتزامن جولة ميتشل في الوقت الذي ساد فيه خلاف جديد بين الجانبين بشأن ما إذا كان يجب السماح لإسرائيل بالاحتفاظ بوجود عسكري في شرق الضفة الغربية بطول الحدود مع الأردن بعد إقامة دولة فلسطينية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام صحافيين أجانب مساء الأربعاء أن إسرائيل يجب أن تحتفظ بوجود عسكري على طول الحدود الأردنية في غور الأردن لمنع تهريب الأسلحة إلى دولة فلسطينية مجاورة من المتصور إقامتها في المستقبل. ورفض مسئولون فلسطينيون أمس الخميس ذلك الطلب. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن شرط نتنياهو يثير الشكوك حول استعداد إسرائيل لإقامة السلام. وقال عريقات في بيان أرسل للصحافيين إن نتنياهو انه لا لتجميد الاستيطان ولا لتقسيم القدس ولا لحدود عام 1967 ولا لحقوق اللاجئين الفلسطينيين. ويريد حاليا الاحتفاظ بغور الأردن. ودعا عريقات المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لقبول تجميد شامل لبناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية. واشترط الفلسطينيون تجميد بناء المستوطنات لإنعاش المفاوضات مع حكومة نتنياهو. ونفى عريقات تقارير ذكرت أن السلطة الفلسطينية طلبت من الولايات المتحدة التفاوض نيابة عنها بشأن حدود دولة فلسطينية. وقال لإذاعة 'صوت فلسطين' هذا الأمر ليس صحيحا. واصدر نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية بيانا رفض فيه أي وجود إسرائيلي داخل حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية. كما اختار نتنياهو شن الهجوم على اللاجئين السودانيين الذين، وفق أقواله، يقومون بعبور الحدود المصرية والدخول إلى الدولة العبرية، متهما إياهم بأنهم يريدون تحويل إسرائيل إلى دولة عالم ثالث، وزعم أن الهجرة غير الشرعية لإسرائيل نابعة من نجاح الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تحولت الدولة، على حد تعبيره، 'إلى الدولة الوحيدة في العالم، التي يمكن لسكان دول العالم الثالث الدخول إليها مشيا على الأقدام، واستمرار قدوم اللاجئين يهدد أمننا القومي ويهدد أيضا كوننا دولة يهودية وديمقراطية'.وكشف نتنياهو النقاب عن أن الحكومة الإسرائيلية بصدد بناء جدار على الحدود المصرية الإسرائيلية لمنع تدفق اللاجئين، وزاد أن الحكومة ستقوم بسن القوانين المتشددة في هذه القضية وستعمل على تطبيقها بشكل مكثف.
علاوة على ذلك، أشاد نتنياهو بالجهود التي بذلها ويبذلها الرئيس المصري حسني مبارك وحكومته لوقف تهريب الأسلحة إلى غزة، ولكنّه أكد على انّه يرى تهريبا للأسلحة بكميات كبيرة من سيناء إلى المقاومة في قطاع غزة.
لماذا سمي معبر رفح معبر فيلادلفي ؟
بقلم / توفيق أبو شومر
يعتزم رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو وضع حجر الأساس لجدار فاصل جديد مماثل لمعبر رفح أو معبر فيلادلفي ليتمكن من إحكام قبضته على خناق مشروع الدولة الفلسطينية المنتظرة !جاء ذلك في أحدث تصريح له أمام المراسلين الأجانب في القدس يوم أمس الأربعاء 20/1/2010 وفق ما أوردته صحيفة هآرتس اليوم 21/1/2010 ، وقال :" يجب أن تحتفظ إسرائيل بوجودها العسكري في الضفة الغربية حتى بعد توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين ، وذلك لمنع تهريب الصواريخ الإيرانية القادرة على ضرب مراكز المدن في إسرائيل ، ولا سيما فنحن محاطون في الشمال(لبنان) وفي الجنوب (غزة) بمستودعات صواريخ تهددنا ، مع ترك مراكز المدن الفلسطينية لإدارة السلطة الفلسطينية " !!هذه إذن هي أحدث اقتراحات حكومة إسرائيل ، بناء سور عسكري جديد ونقاط مراقبة حدودية ، وهي المهنة الشعبية عند الجيش الإسرائيلي ، وهي عسكرة الحياة الفلسطينية بنقاط التفتيش الثابتة والمتحركة ، ومد الأسلاك الكهربية على الحدود ، وبناء الحصون العسكرية المنيعة ، وإرساء قواعد سور الفصل العنصري العظيم ، وقد أسميت دولة إسرائيل في مقال سابق باسم ( مملكة الحواجز والجدران) .وما أزال أحفظ قصة أسطورة الطاغية نبوخذ نصّر والنبي دانيال :فقد حلم الطاغية نبوخذ نصر وهو الذي أحرق مدينة طيبة بأن سيفا قويا شق تاجه فوق رأسه نصفين فاستدعى كل المختصين في تفسير الأحلام ، وكلهم قالوا :لا يستطيع أحدٌ أن يفسر هذا الحلم إلا النبي دانيال وهو مسجون في بئر عميقة في سجن نبوخذ نصر نفسه لأنه ظل يحرض على ظلمه وفجوره في كنيسته !فأُحضر حارسُه النبي دانيال من سجنه ، وسرد عليه نبوخذ نصر حلمه المرعب !فقال له النبي دانيال :إنك ستموت بعد يوم من الاحتفال بتوليك العرش !فقرر نبوخذ نصر أن يبقي النبي دانيال في سجنه ، فإن لم تتحقق النبوءة فإن نبوخذ نصر سيشنق النبي دانيال ويعلق جسده في سوق المدينة ، وسيدمر كنيسته كما دمر مدينة طيبة ، وسيبقي جسده معلقا !وشرع نبوخذ نصر في إقامة الحواجز والجدران والعوازل ثم أغلق قصره ومنع الدخول إليه وطلب من حارسه الشخصي أن يقتل كل شخص يقترب حتى من سور القصر الخارجي !وقبل اليوم الذي حدَّده النبي دانيال لجأ الطاغية إلى حجرة محكمة الإغلاق .ولما رأى طلوع الفجر ظنّ بأنه نجا من القتل ، ففتح باب غرفته وكان يمشي على أربع من العظمة سعيدا بانتصاره على نبوءة النبي دانيال ، وما إن أطلق الصيحة الأولى بالانتصار حتى قطعه سيفُ حارسه نصفين ، ظنا منه أنه متسلل جاء ليقتل نبوخذ نصر .بالطبع فإن حكومة نتنياهو لم تقرأ تلك الأسطورة ، وهي بالتأكيد تدين كل من يسردها وتتهمه باللاسامية !هكذا إذن يفكر المتطرفون الإسرائيليون ، فما يزالون يُسوقون رؤيتهم للعالم وتتلخص رؤيتهم تلك في أن الفلسطينيين قاصرون عن حكم أنفسهم بأنفسهم ، وقد ظلوا يراهنون على ذلك أمدا طويلا !وقد درسوا المجتمع الفلسطيني دراسة واعية واستطاعوا العثور على مراكز قوة هذا المجتمع وتمكنوا خلال سنوات طويلة من ضرب نواته الداخلية التي كانت قوية وإحداث جروح وقروح عديدة في الجسد الفلسطيني ، وهذا أوصل الفلسطينيين إلى حد الاقتتال والانفصال وجعل العالم كله يضحك على مسلسل (التنافر الفلسطيني) .وقام الإسرائيليون في هذا الإطار بأول هجوم على القيادات الكريزماتية الفلسطينية وبدؤوا في تصفيتها تارة بالمؤامرات وطورا بالعمليات العسكرية وغزو البلدان العربية نفسها ، واستعملوا الطرود البريدية المفخخة ، ثم السيارات المفخخة ، ثم العبوات ثم الطائرات !ثم عمدوا إلى إحداث شرخ في البنية الاجتماعية الفلسطينية التي كانت فخرا للفلسطينيين فطفقوا في نخرها بسوس العصبيات القبلية والجهوية والفئوية !ثم تغلغلوا حتى وصلوا إلى البنية التعليمية والتربوية فأفسدوها باستخدام جهلنا ،ثم باستخدام التخطيط والبرمجة المنظمة !وهكذا تحقق لإسرائيل ما أرادت ، فقد كان الفلسطينيون في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي يُصلحون بين الدول العربية المتنازعة ولا يخلو وفدُ إصلاح إلا وفيه ممثل عن فلسطين ، وظلوا يشاركون - بدون أن تكون لهم دولة أو حتى جوازات سفر - في مؤتمرات عدم الانحياز وفي مؤتمرات التربية والتعليم والاقتصاد وفي كل مجالات الثقافة والفنون بأنواعها !أما اليوم فقد عدنا شعبا قاصرا نستجدي (الوساطة) من غيرنا ونحول قضايانا على غيرنا ، ونلوم الآخرين على فرقتنا وتنازعنا ، ونصب غضبنا على أبناء جلدتنا ونلعنهم ونتمنى البراءة منهم، وصرنا نرى الغرباء أقرب إلينا من أهلنا وأقاربنا وأبناء عشيرتنا !ووفق ذلك فإن حكومة نتنياهو تريد أن تشرعن الاحتلال وتجعله احتلالا فعليا أبديا في صورة (كيان) يسمى دولة ليس لها من صفات الدول إلا الاسم فقط !أما الكيان الفلسطيني أو دولة فلسطين ! فهي صورة مصغرة من ضابط ركن الإدارة المدنية الإسرائيلية ، لها المسؤولية (المطلقة) على السكان وحدهم فقط !!ولها السلطة على حركاتهم وسكناتهم في داخل (التجمعات ) السكانية الفلسطينية أيضا !ولها الحكم في النزاعات القبلية والعشائرية فقط !إذن فإن نتنياهو يضع حجر الأساس لصيغة (مخترة) وليس لدولة ذات سيادة !مع العلم بأن أول شروط الدول أن يكون لها حدودٌ وجيش يحمى حدودها !أما الدول التي يمرّ رعاياها عبر ممر فيلادلفي ، ولا تعرف لماذا أطلق على معبرها هذا الاسم وما أهدافه وغاياته وتردد الاسم مراتٍ ومرات بدون أن تعرف مدلوله فليست في الحقيقة سوى لعبة من ألعاب الأتاري يحركها إصبع طفل صغير !!وللعلم فقط إليكم قصة تسمية معبر فيلادلفي:إن الضابط الإسرائيلي الذي أطلق على معبر رفح اسم معبر فيلادلفي كان ذكيا فقد اقتبس التسمية من تجربة أنشتاين العالم اليهودي الأمريكي صاحب نظرية النسبية ، والذي عمل مع البحرية الأمريكية في مدينة فيلادلفيا في بنسلفينيا عام 1943 وكان يجرب على إحدى الغواصات الأمريكية نظريته في تسليط حقل مغناطيسي ضوئي على الغواصة الحربية لإخفائها عن العيون وليُضلل الحقل المغناطيسي القذائف الموجهة لها ، وما إن نُفذت التجربة حتى أصيب بحارة الغواصة بصدمات مختلفة فمنهم من أُصيب بالجنون ومنهم من فقد بصره وآخرون فقدوا السمع وغيرهم عاشوا في حالة هذيان .فمن أطلق التسمية على معبر فيلادلفي كان يقصد بالضبط أن حراس المعبر ومخططوه يشبهون العالم الكبير ألبرت انشتاين ، أما العابرون والمسافرون والسكان المحيطون فهم كما بحارة الغواصة الأمريكية، بعضهم سيصاب بالجنون ، وآخرون سيصابون بالصمم والعمى وكل الأمراض !ومصيرهم جميعا المصحات العقلية والنفسية !وبما أنهم استفادوا كثيرا من تسمية فيلادلفي في غزة فلماذا لا ينفذونها في الضفة الغربية أيضا فيضعون حجر الأساس لمعبر فيلادلفي الثاني !!لكي يتوحد الفلسطينيون في الأمراض والعاهات المستديمة ، لتكون حكومة نتنياهو خير سلف لخير خلف !!!!!
الشوفانية والعنصرية في الفن العربي حتى السخرية من المواطن!
بقلم| جهاد أيوب
لا يوجد في فن العالم ما هو يسخر من بعض الشعوب كما هو حاصل في بعض الدول العربية، قد تسمع وتشاهد في بعض الأفلام الأميركية سخرية عن بعض رموزها من باب النقد الجارح، وكنا نشاهد ونسمع أيضا انتقادات لاذعة للروس والكنيسة في كثير من أفلام هوليود، ولكن لم تصل يوما إلى السخرية من الشعب الروسي، بل النقد المباشر يوجه إلى الزعامات السياسية، ومن سافر إلى أميركا يسمع الكثير من النكات عن بخل اليهودي، إلا أن هذا الأمر لا يخرج عبر الفن إلا نادرا، ولا ننسى أن هناك تجمعات وأندية من مثقفين وإعلاميين في الغرب ترفض الخطاب العنصري في الفن والإعلام، ولا تؤمن بالفوقية البشرية اجتماعيا !
في مصر
في مصر النكات عن الصعيدي منتشرة يمينا ويسارا، ولها تاريخها القديم والمستحدث على مر الأجيال، وقدمت السينما والمسرح في مصر شخصية الصعيدي بسذاجة مفرطة وتحديدا عبر أفلام عادل إمام، صحيح قدمها من قبله إسماعيل ياسين، لكنه قدمها بتحفظ وذكاء وبساطة، أما عادل إمام فقدمها بسخرية مفرطة كأنه من خارج الكوكب إلى أن يصبح الصعيدي في نهاية العمل نابغة، وأشرف النبلاء، ومن رجالات الفكر والعفة والذكاء النادر، وخير دليل على صحة ما نقوله مسرحية " الصعيدة وصلوا" لأحمد بدير إخراج جلال الشرقاوي...
في حين كانت صورة العربي وتحديدا الشامي شريكا في الفن المصري خلال الحكم الملكي ومن بعدها حكم جمال عبد الناصر مقربة من المجتمع المصري، ومهضومة، وشاهدنا في السينما اللبناني الضاحك بلغة مفككة دون تطاول على اللبنانيين، ولم تشوه صورة العربي أو تنتقد بالفن المصري إلى حين توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" مع الكيان الصهيوني في عهد الرئيس محمد أنور السادات، فظهر المواطن العربي بشخصية ساذجة مضحكة سخيفة وجاهلة، وتحديدا المرأة اللبنانية فأخذت شكلا عجيبا غريبا يصل إلى حد التركيز على أنها امرأة ساقطة همها عمليات التجميل وجمع المال والغرف الليلية والسهر، ولم يصور فكرها ومقاومتها ونجاحاتها في وقت كانت الحرب اللبنانية الداخلية والصراع مع إسرائيل على أشده، وقدمت المرأة في الجنوبية وفي الجبل البطولات المشرفة، وصبرت المرأة في بيروت صبرا كبيرا ونادرا، وحافظت على أسرتها وتاريخها وعلمها وجمالها رغم صعوبة ظروف المرحلة... كل هذا غيب في الفن المصري ما بعد "كامب ديفيد" حتى فاتن حمامة في مسلسلها " وجه القمر" قدمت المرأة اللبنانية على شكل سيء وخطير، وكلنا استغرب وقوع فاتن بهذه الهوة والسقطة وهي المكرمة في لبنان وكل بلد عربي، وفنانة مثقفة تعرف ماذا قدمت المرأة العربية وبالتحديد اللبنانية، وتلاها في أوائل التسعينيات تقديم النموذج السيئ عن الشخصية الخليجية الذي يرمي أمواله من أجل ملذاته في السينما المصرية والمسرح بينما التلفزيون المصري لم يتجه إلى هذا النوع من التجريح العربي كثيرا، وتضخمت هذه العلة إلى أن بدأت الصحف الخليجية تكتب ضد هكذا تصرف في الفن المصري، واعتبرتها ظاهرة سيئة تضر بتواجد المواطن المصري ومصالحه في الخليج!!
وكلنا شهد مؤخرا تصريحات بعض الفنانين المصريين ضد الجزائريين وأيضا العكس من أجل كرة ا لقدم، ولكن ما كتب في بعض الصحف المصرية وما قيل عبر بعض فضائياتها الخاصة بعنصرية وشوفانية وتعاليا ضد الجزائر كان مؤسفا وخطيرا ومخجلا، وحاول البعض في الجزائر تقليدهم ولكن السلطات الجزائرية أمرت بعدم الانجرار إلى هذا المستوى، ونأمل أن لا يعمل الفنان المصري إلى التطاول على الجزائري في مسرحة ومسلسلاته المقبلة خاصة بعد خروج بعض الأصوات الفنية المصرية رافضة التطاول على الآخرين بهذا الشكل الهمجي كما صرح علي بدرخان وخالد يوسف ومحمود حميدة وانتقدوا تصريحات إسعاد يونس العنصرية!!
في الخليج
في دول الخليج قُدم المواطن اللبناني والمصري عبر اللهجة دون التطرق إلى سمعته ووطنه، وكان يقدم اللبناني إعلاميا، والمصري سمسارا بصورة كوميديانية محببة، ولم يسمح بالتطاول على المواطن العربي وحتى الخليجي بالتجريح بالمطلق، لا بل كانت الصورة الناقدة مباشرة لأبن الوطن كما هو حال مسرح القدير عبد الحسين عبد الرضا في الكويت وغانم السليطي في قطر، وقبلهما الراحل صقر الرشود حيث رسم مسرحا خليجيا محترما لا يسمح باستخدام الكلام البذيء ولا التطاول على الشعوب مهما كان الخلاف معها كبيرا!!
الكويت
بعد دخول صدام حسين إلى الكويت، وتدمير ما يمكن تدميره في تلك الدولة المسالمة تغيرت النظرة في الفن الكويتي تجاه المواطن العربي الأخر، علما كانت الكويت عبر فنها وصحافتها شريكة للصحافة اللبنانية في القومية إلى حدود التطرف، ولكن هذا تغير بعد الغزو، وأخذت حلقات تلفزيونية رمضانية ضاحكة ومنوعة عبر أعمال داوود حسين وانتصار الشراح تسخر من الشخصية العربية وبالتحديد المصري منها والسوري، ووصلت إلى التطاول المباشر على الفلسطيني، وقلد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بأسلوب نافر ومزعج، وكذلك في مسرحيات محمد الرشود، وبالأخص في مسرحية " إم علي" حيث قدمت الشخصية المصرية بانتهازية جارحة شكلا ومضمونا، وتلاها بعض مسرحيات طارق العلي، و بعض البرامج الضاحكة الرمضانية عبر فضائية الكويت كانت تعتبر التركيز عبر الزكزكة والتجريح والسخرية على بعض المواطنين العرب مادة للضحك ولنجاح الفقرات!!
الصحافة الكويتية، وتحديدا جريدة "القبس" وجريدة "الأنباء" تبنتا الهجوم على هكذا برامج وأفكار، ورفضتا التطاول على المواطن العربي الذي قدم الكثير للكويت وللخليج، وبدأت تظهر بعض الأصوات الفنية الكبيرة كالقديرتين حياة الفهد وسعاد عبد الله ترفضان استخدام الفن منبرا للتطاول على أي مواطن أو بلد عربي، وساندتهما الأديبة ليلى العثمان...عند ذلك تنبهت وزارة الإعلام الكويتية لهذه الهوة، وطلبت من البرامج الضاحكة التي تنتجها وتصور في تلفزيونها الابتعاد عن هذا الأسلوب الجارح، فسارع الفنان داوود حسين بتقديم 30 حلقة رمضانية ضاحكة " شارونيات" عن المجرم الصهيوني شارون كدلالة سياسية على أن العدو الحقيقي هو إسرائيل، وبعد ذلك غيب التطاول والنقد على المواطن العربي كمادة سخرية في الفن الكويتي!!
قطر
في قطر اختلفت الصورة، وأخذ المسرحي الكبير غانم السليطي بعد غزو الكويت بتقديم جرعات نقدية مدروسة تنتقد الأنظمة العربية والجامعة العربية مباشرة، وكانت أعماله امتدادا لما سبقه إليه الكويتي عبد الحسين عبد الرضا في مسرحية " باي باي لندن" وغيرها، وما قدمه دريد لحام في " غربة" و" ضيعة تشرين" و"شقائق النعمان" حتى لقب غانم بالفنان القومي، ورغم نجاح وانتشار الدراما الخليجية والقطرية منها ظل الخليج أمينا على عدم تقديم صورة مشوهة للعربي الأخر رغم وصول النقد عبر الصحف إلى حد أكبر من المباشر للأنظمة وليس للمواطن العربي!!
في سورية
الصورة في استخدام الفن للسخرية بين لبنان وسورية مختلفة وقاسية كليا عن أي فن عربي، ووصلت إلى السخرية العنصرية بحدية لا تحترم فيها خصوصية المواطن رغم تقارب الحدود والمصالح المشتركة في العيش!!
في سورية تنتشر النكات عن " الحمصي"، وهي شبيهة بنكات المصريين عن " الصعيدي"، واللبنانيين عن " أبو العبد البيروتي"، ولكن في سورية ممنوع أن تكتب في الصحف تلك النكات المعنية بالحمصي، ولا يسمح أن يشار إليها في المسلسلات والمسرح، هي ثقافة شعبية لا يتبناها الفن السوري ولا إعلامها، كما لا تتبنى التطاول على الشخصية العربية بالمطلق، وإن حدث وكتب أحدهم بعنصرية ضد مواطن عربي يحقق معه أو يمنع من مزاولة مهنته لأنه تطاول على عربي أخر، وفي ظل الحملة الإعلامية الشرسة بين مصر والسعودية والبعض في لبنان لم تنجر الصحافة السورية ومسرحها وفنها إلى التطاول على شعوب تلك الدول، ربما تم انتقاد شخصيات سياسية لبنانية عبر الصحف بشكل مباشر، لكنها كانت بعيدة عن العنصرية المناطقية الضيقة والمحدودة، وظل الفن السوري أمينا على طرح قضايا قومية مشتركة، وتعتبر سورية أول دولة عربية شارك في أعمالها الدرامية كل الفنانين العرب من الأردن والعراق ومصر والجزائر والمغرب والسعودية والكويت ولبنان، شاركوا في عمل واحد كما هو الحال في مسلسلات نجدت أنزور و سلوم حداد وعابد فهد ودريد لحام، وأخذت بعض الوجوه الفنية اللبنانية بطولة مطلقة في الدراما السورية كالفنانة جوليا بطرس في " الخبز المر" إلى جانب نضال الأشقر و أنطوان كرباج، ناهيك عن مشاركة رفيق علي أحمد بأدوار تشكل فارقا في المسلسلات السورية وأيضا أحمد الزين وفادي حداد وليليان نمري!!
في لبنان
في لبنان الصورة مختلفة كليا إعلاميا وفنيا، ففي الإعلام شكل بعضه سقوطا محرجا بالعنصرية وتحديدا بعد 2004، وأصبحت بعض الفضائيات تتحدث بلهجة مؤسفة عن الأخر لم نعتده في لبنان، ولم يعتده الإعلام اللبناني وهو الذي علم العرب ألف باء الإعلام والانفتاح واحترام الرأي الأخر!!
في الفن اللبناني كان ولا يزال "أبو العبد" مادة ساخرة وضاحكة لكل من يتعاطى تقديم البرامج وفن الضحك، وخلال الحرب الداخلية 1975 بدأت تظهر بشكل واسع السخرية من المناطق اللبنانية عبر مسرح " الشونسونيه" الذي بدوره أخذ ينتشر بشكل أكبر في لبنان لأسباب اقتصادية وأمنية وحزبية، وتقليدا لظهوره في باريس في العام 1962، كان سابقا يسمى مسرح الساعة العاشرة بقيادة إفيت سرسق، وتخرج منه وسيم طبارة والمغنية إليسا وآخرين، وعمل فيه الراحل إبراهيم مرعشلي، حينها بدأ الحديث الساخر عن واحد من الجنوب أو واحد من الأشرفية والجبل والشمال والبقاع والضاحية وزحلة، وأخذت نكات ضاحك الليل إيلي أيوب بالانتشار عن أهل الأشرفية، ويقال أنه تعرض إلى الضرب المبرم أكثر من مرة من قبل شباب الأشرفية ولا نعلم دقة هذا القول، وأصبحت تلك النكات موضة يزاد إليها النكات عن "الحمصي" أو "في واحد سوري" بمناسبة ومن دونها!!
ويكاد الصعيدي المصري شبه مغيب في النكات الفنية اللبنانية، والخطورة تكمن في أن النكات هذه أخذت تظهر في الفضاء اللبناني عبر برامج ساخرة ناقدة وتحديدا في انتقاد الشخصية السورية، وأحيانا الشخصية الخليجية وهذا الأخير ينتقد فقط عبر " أربت تنحل"، وهذا النوع من البرامج الانتقادية الساخرة المسيسة بحجة الضحك وتسلية الناس تحسب على بعض الأحزاب والجهات السياسية ومؤخرا طائفية للأسف، وإن نزلت إلى الشارع بسرعة يحمل أي مواطن مع اختلاف ثقافته هذه الفضائية ثقل طائفتها ومواقفها السياسية لهذه النوعية من السخرية!!
بعض البرامج الساخرة في الفضاء اللبناني تطل علينا في كثير من المواقف والفقرات بعنصريتها ومحدوديتها فتعرفنا على " لا يمل"، و" بعد العشرة" و " بس مات وطن"... لا بل كل فضائية لبنانية تتعمد هكذا برامج للسخرية من الخصم السياسي ليس أكثر، والمؤسف أن بعض هذه البرامج كان يسخر أيضا من فئات لبنانية ومن الشخصية السورية بشكل مباشر، ولا ننسى أن بعض الأعمال المسرحية أخذت هذا المنهج والمنوال، بينما مسرح "الشونسونيه" تجرمها بفجور معتقدا أنها تضحك الناس، وتنسيهم همومهم السياسية، و إما عن تعمد أو عن جهل إنساني يطرحون العنصرية والتعصب، وينشرونها بين الشباب الذي يذهب لمشاهدتهم أو يشتري "سي دي" للتعليق والضحك من الخصم السياسي أو العربي، قد يكون الفنان جورج خباز هو الوحيد من بين الشباب في لبنان حاول الابتعاد قدر الإمكان من الوقوع في هذه الهوة، ونأمل أن يتنبه إليها حتى يستمر في تأسيس مملكته على عكس ما يفعل زملائه في " دبابير" وغيره، وأيضا الفنانة ليليان نمري تبتعد عن النعرة الطائفية والعنصرية في حواراتها وفي أعمالها، ورفضت الكثير من الأعمال لكونها تحدثت عن شتم جهات عربية ولبنانية!!
في لبنان العديد من الوجوه الفنية تعمدت خلال الحرب الأهلية التطاول عبر النكات على فئات لبنانية وعربية، وكانت ممرا لاذعا للضحك الرخيص والاستهلاكي الفقير وصولا إلى التهريج الكلامي والحركي، وأخذت بعد 2004 بالتجريح وتقديم جرعات عنصرية لا تشبه تاريخ لبنان الفني والإعلامي، فلبنان الفن كان واجهة كل العرب، ولبنان الإعلام كان مدرسة في التحاور وتقبل الأخر، وهذه معضلة خطيرة، على القيمين على بعض الفضائيات اللبنانية والوسائل الإعلامية التنبه إليها لقطعها، هي كبيرة اليوم في الانتشار لبنانيا، وستشكل عداوة وحقدا داخليا وخارجيا على المواطن والفن والإعلام اللبناني، ونحن بغنى عنه!!
نقطة نظام
كلمة أخيرة، أو نقطة نظام لكل من يؤمن بالسخرية وتحقيق انتصاراته على حساب كرامة غيره في الفن والإعلام العربي، إذا كنت تعتقد هكذا تصرف ينبع من فكرة الحرية فعليك أن تعرف أن حدود حريتك تنتهي عندما تتطاول على كرامات غيرك... كما أن التعصب في الفكر هو قمة الجهل فكيف بنا نتعمد التجريح والتطاول على الأخر بحجة تميزنا و فوقيتنا، نعم وجب محبة الوطن ولكن قبل كل شيء علينا أن نخلص لوطن الشراكة، ومن يحب وطنه يحترم ويحب أوطان الآخرين مهما كانت الظروف، ومن هو مؤمن بالله لا يعتبر نفسه الوحيد الذي يحق له العيش على هذه الأرض والباقي رعاة وحيوانات وجب قتلهم أو الاستخفاف بإنسانيتهم، ومن يتغنى بأنه من أهل السياسة في الفكر والتصرف عليه أن لا يكون عنصريا ويتصرف بعنجهية في فنه وخطابه، حينها يكون عنصريا لا ينتمي إلى الفكر الإنساني بشيء!!
الفن والإعلام هما الرسالة الأكثر انتشارا في المجتمعات مهما اختلفت نسبة الثقافة فيها، ونكون قد زرعنا السم داخل عقول الشباب والمجتمع إن أخذناهم إلى العنصرية والشوفانية، وإلا نكون نتصرف ولا نعرف ماذا نفعل!!
كما لا بد من الإشارة إلى حقيقة تكمن في أن الساسة يتخاصمون فيتعصب الجهل عند الفنان ويبدأ بالشتائم كما حصل مؤخرا في مباراة الجزائر ومصر، ونذكر في نزول الناس إلى الشارع بعد أن قُلد السيد حسن نصر الله في " بس مات وطن" على إل بي سي، وأيضا كيف رفع الفنان راغب علامة دعوة قضائية سببت الخلاف الشهير مع المحطة المذكورة بسبب تناولها لشخصه وشوهت أغنيته في برنامجها الساخر!!
يوقع السياسي الفنان والإعلامي بالخصام مع الشارع ويحتد هذا الشارع حتى الخصام والقتل، وبعد برهة يتم التصالح بين السياسيين، و تبويس الوجوه والأعناق وهات يا غرام، ويبقى الفنان والفن هو الخاسر، ولا يفكر به السياسي حينما يتصالح مع ذاك السياسي، لذلك الفن أشمل من فكر السياسي فلا تسجنونه في عنصرية تافهة وحقد يضر أكثر مما يفيد!!
أوباما وأولوية ضوابط الحكم على برنامج الحاكم
صبحي غندور*
لم تكن "الإنجازات" حتماً هي معايير اللجنة التي قررت منح باراك أوباما جائزة نوبل للسلام، فترشيحه للجائزة حصل في أيامه الأولى بالبيت الأبيض (شهر فبراير 2009)، إنّما حمل منح هذه الجائزة معنى "إدانة ذات مفعول رجعي" للإدارة السابقة كونها كانت "إدارة حرب" فجاء أوباما للرئاسة ببرنامج معاكس لها، ونال بسبب ذلك "جائزة السلام".مضى عام على وجود إدارة أوباما في الحكم ولم تحدث متغيّرات جذرية في السياسة الأميركية، فهل مَرَدُّ ذلك أوباما شخصياً أم الظروف والإمكانات التي يعمل من خلالها؟ السؤال مهمٌّ لأنّه يرتبط بحجم الآمال الكبيرة التي وضعتها شعوب كثيرة على فوز أوباما. فالفارق شاسع بين خيبة الأمل بالشخص كمبدأ وبين تفهّم الظروف المحيطة به مع استمرار الأمل بتغيير نحو الأفضل.كتبت في العام الماضي عن الرئيس أوباما، بعد فوزه بالانتخابات، أنّه سيكون "قائد سيّارة جيد" لكنه سيبقى محكوماً ومنضبطاً ب"قوانين السير الأميركية" وبالطرق المعبّدة سلفاً أمامه للسير عليها، وفي السرعة المحدّدة له، وبضرورات التزامه ب"إشارات الضوء" وتنقّلها المتواصل من الأخضر إلى الأصفر فالأحمر!
يبدو الآن، بعد عام على ذلك، أنّ "الضوء الأحمر" هو الأكثر استعمالاً على طرقات عمل الرئاسة الأميركية! فرغم صدق نوايا الرئيس أوباما يواجه برنامجه الداخلي صعوبات عديدة، بينما لا يزال الكثير من توجّهات التغيير في السياسة الخارجية التي كان يدعو إليها مجرّد خطب وكلمات.لقد كانت إدارة بوش، بلا أيّ شك، بمثابة كابوس على العالم كلّه وعلى العرب تحديداً، لكن لم يكن من المفروض الاستيقاظ من هذا الكابوس للوقوع في "أحلام اليقظة" والأوهام بأنّ إدارة أوباما ستحمل معها الخلاص والسلام لأزمات المنطقة والعالم.صحيحٌ أنّ تغييراً إيجابياً قد حدث فعلاً على الصعيد الدولي في ظلّ إدارة أوباما، بوقف سياسة إدارة بوش الإنفرادية الدولية وبعدم المراهنة على نظرية "الحروب الاستباقية" لتحقيق أجندات خاصة كانت موضع نقد حتى من داخل الحزب الجمهوري نفسه، لكنّ ما حدث في الولايات المتحدة من انقلاب ثقافي سمح بوصول مواطن أميركي أسود، ابن مهاجر إفريقي يحمل اسم حسين، إلى سدّة "البيت الأبيض"، لم يكن أيضاً انقلاباً سياسياً في الشؤون الخارجية الأميركية. فالولايات المتحدة بغضّ النظر عن الشخص الذي يحكمها ستبقى حريصةً على دورها القيادي في العالم وعلى حماية مصالحها الأمنية والسياسية والاقتصادية في الشرق والغرب، وعلى استمرار وجودها الفاعل ودورها المميز في الشرق الأوسط.وما يُسجّل لباراك أوباما أيضاً في سنته الأولى بالحكم هو اعتماده لنهج الاعتدال ضدّ فكر التطرّف الذي ساد طيلة إدارة بوش السابقة، ففي نهج أوباما إمكانات كثيرة لإضعاف فكر التطرّف والعنصرية في عموم العالم.لكن هذا "النمط الأميركي الثقافي اللاعنصري المعتدل" الجديد واجه تحدّيات داخلية كثيرة في السنة الأولى من حكم "البيت الأبيض"، أبرزها الشعور العنصري الدفين في المجتمع الأميركي مقابل ما عليه أوباما من أصول إثنية أفريقية، ودينية إسلامية (لجهة والده)، ثم برنامجه السياسي والاجتماعي المتناقض مع برنامج اليمين المحافظ الأميركي، إضافةً إلى الانقسام السياسي التقليدي في أميركا بين "ديمقراطيين" و"جمهوريين" وما في كلِّ معسكر من برامج صحّية واجتماعية واقتصادية مختلفة، وتأثيرات هامّة لشركات كبرى ومصالح ونفوذ "قوى الضغط" الفاعلة بالحياة السياسية الأميركية.مشكلة أوباما الآن هي ليست مع خصومه وخصوم حزبه التقليديين فقط، بل هي أيضاً في داخل "المعسكر" الذي ساهم بوصوله إلى سدّة الرئاسة. فأعداد كبيرة من المستقلين وجيل الشباب الأميركي كانت معه من أجل تغيير شامل ولوقف حروب أميركا الخارجية، وهي أمور لم تحدث طبعاً في فترة العام الأول. كذلك بالنسبة للأوضاع الاقتصادية حيث كانت توقّعات الناخبين لأوباما أكبر من الممكن فعله لتحسين الاقتصاد الأميركي.العوامل ذاتها التي ساعدت على فوز أوباما بانتخابات الرئاسة هي المسؤولة الآن عن تراجع شعبيته. فحجم سيّئات إدارة بوش وشموليتها لأوضاع أميركا الداخلية والخارجية، كانت لصالح انتخاب أوباما، لكن عدم القدرة على إزالة هذه السيئات حتى الآن أضعف ويُضعف من قوّة التيار الشعبي المساند للإدارة الحالية.
لقد شكّلت شخصية أوباما خلال الحملة الرئاسية الانتخابية رمزاً لمزيج يجمع الأميركيين ولا يفرّقهم، يوحّد ما بينهم ولا يزيد في انقسامهم اجتماعياً وسياسياً وعرقياً. فأوباما الشاب المنتمي إلى الطبقة الوسطى والمدافع عن مصالحها، هو ابن مهاجر إفريقي يرمز إلى عشرات الملايين من المهاجرين الجدد إلى أميركا، وهو ابن أب مسلم أسود وأم مسيحية أميركية بيضاء اللون، وقد جمع بين مستوى عالٍ جداً من الدراسة الأكاديمية في أشهر جامعات أميركا وبين التطوّع والتفاعل العملي مع المحرومين من العلم والعمل. فانتصار أوباما كان رمزاً إلى المستقبل الذي يطمح إليه الجيل الأميركي الجديد. هذا الجيل الذي لم يجد في سنوات إدارة بوش إلا الحروب والفساد والانهيار الاقتصادي والانقسام الاجتماعي، وكلّها حالات تهدم الحاضر وتعيق بناء المستقبل.لذلك كانت الآمال الأميركية كبيرة حين فاز أوباما بسدّة الرئاسة، تماماً كما كانت آمال شعوب عديدة في العالم بأن يكون فوزه بدايةً لعصر جديد في العالم. لكن أوباما هو رئيس أميركي للأمّة الأميركية وما لها من مصالح وأولويات في العالم، وما عندها من مؤسسات وقوى ضاغطة تصنع القرار في واشنطن.أمّا بالنسبة للقضايا العربية فستضطرّ إدارة أوباما إلى التعامل معها بأسلوب مختلف عن إدارة بوش بمقدار ما تكون عليه المنطقة العربية من توافق على رؤية مشتركة لأزماتها المشتركة. فلن نرى، ما لم يحصل تغيير في الواقع العربي الراهن، تغييراً إيجابياً في السياسة الأميركية.إنّ المشكلة، أولاً وأخيراً، هي في المراهنات العربية على الخارج و"متغيّراته" وفي انعدام القرار العربي بوضع رؤيةٍ عربية مشتركة، وكأنَّ النظام الإقليمي العربي مرتاح لهذا الواقع العجوز طالما أنَّه يحافظ على استمرار النظم والمصالح الخاصَّة الموروثة فيها!.فالمشكلة ليست بواقع حال السياسة الأميركية في الشرق الأوسط فقط. المشكلة أصلاً هي في استمرار المراهنات على تغيير في الخارج بينما يبقى الجمود والركود سمة لازمة للمنطقة العربية وحكوماتها وسياساتها.إنّ الحكومات العربية مدعوّة ليس فقط لوقف الصراعات بينها بل أيضاً لبناء رؤية عربية مشتركة، تتضمّن خططاً عملية لقضايا عديدة مشتعلة الآن في المنطقة ومحيطها. رؤية تحدّد الضوابط في الحركة السياسية والدبلوماسية، والسقف في التنازلات، وتجمع بين نهج التفاوض وحقّ المقاومة. رؤية تفرز بين العدوّ والخصم والصديق فلا تنجرّ الأوطان أو الأمّة إلى معارك هامشية تخدم الأعداء وتخسر فيها الأصدقاء. رؤية تتضمّن أساليب "الترغيب" و"الترهيب" معاً، فلا يبقى العرب في موقع الراغب بالسلام مع إسرائيل فقط بينما لا تكلّ إسرائيل عن ممارسة أسلوب "الترهيب" والمزيد من الإرهاب على العرب. رؤية عربية تُعبّر عن أوضاع دستورية سليمة تسمح بالتغيير السياسي السلمي وبحقّ الشعوب في صناعة مستقبل أفضل، فلا تلجأ إلى العنف، ولا تراهن على الانقلابات العسكرية، ولا تكتفي بالدعاء وحده على الحاكمين الفاسدين أو الظالمين!
*(مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن)
E-mail: alhewar@alhewar.com
عن الهبّة الأردنية
توجان فيصل
19/2/2010
لم يكن من قبيل الصدفة أن غالبية مقالاتنا, في العام المنصرم خاصة, كانت تتناول تداخلات التسويات المتداولة للقضية الفلسطينية وارتباطاتها مع ما جرى تاريخيا في الأردن وما يجري الآن, واستشراف انعكاسات تلك التسويات والمجريات على الأردن "مستقبلا " بما يمس مصيره كدولة ووطن لا أقل.. بل كان لأننا شعرنا بضرورة بحث الكثير مما كان يمور تحت السطح مما لا يسمح لأحد بالاقتراب منه, وهو بمجمله ما تفجر في الأيام الأخيرة وأصبح حديث الساعة الأول بامتياز.وهذا يؤكد أن المستقبل الذي كنا نحاول استشرافه لم يكن على عتبات أبوابنا فقط, بل إن الكثير منه كان قد تسلل إلينا مسكوتا عنه كما ألمحنا .ولكن, وبما يؤشر على أكثر من خلل مفصلي في سياسات حكوماتنا أورثها هشاشة مريعة, فإن ما فجر الموضوع تفجيرا يشبه السيل الذي جرف الكثير من التابوهات التي كانت الحكومات تنذر أو تشرع في معاقبة من يقترب منها, هو إشهار منظمة هيومن رايتس ووتش لتقريرها الذي يتناول "جزئية" واحدة من سياسات حكوماتنا المتعاقبة, تتمثل في قيامها بسحب جنسية بضعة آلاف من الأردنيين من أصول فلسطينية. وبعد امتناع الحكومة, الممتد لأكثر من عام, عن الرد على أسئلة منظمة هيومن رايتس ووتش المتعلقة بشكاوى سحب جنسية تلقتها, كما تلقاها أيضا المركز الوطني لحقوق الإنسان (الرسمي) أو ردها بمجرد النفي الذي لا يصمد أمام الحقائق المثبتة, أو اختراع تسميات تجميلية بديلة لإجراءاتها لا علاقة لها بالتسميات القانونية الموحدة محليا ودوليا. فإن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الدكتور نبيل الشريف طالب الأردنيين "بهبّة" لحماية الأردن. ولأن ما يجري هو شأن حقوقي قانوني ودستوري يتعلق بحقوق فئة من المواطنين وليس مواجهة مع عدو خارجي, فإن الهروب من بحث الأمر في إطاره الأصل بالاستقواء بفئة من الأردنيين على أخرى أمر غير حصيف فيما يتعلق بالوحدة الوطنية التي يلوح بها في وجه كل من يجرؤ على بحث هذه الحقوق. ولكن غياب الحصافة هنا يطال مصالح الحكومة التي جيء بإعلامي مخضرم كالدكتور نبيل بهدف الدفاع عنها, وتحديدا عند استعماله لكلمة "الهبّة". فالكلمة هي الرديف الأردني لكلمة "انتفاضة". وقد دخلت "الهبّة" القاموس السياسي الأردني أول مرة في توصيف أحداث عام 1974 التي سميت "هبّة السكّر" وهي أحداث يراوح تصنيفها -وتحديدا لأن بحثها اعتبر تابو آخر- بين اعتبارها تمردا عسكريا أو اعتبارها احتجاجا على ظروف معيشية تفاقمت نتيجة الفساد.وأعيد استعمال الكلمة في توصيف الحراك الشعبي الذي بدأ في الجنوب وانتشر سريعا بحيث كاد يعم المملكة, في أبريل/نيسان عام 1989. إذ يشار إلى تلك الأحداث شعبيا "بهبّة نيسان" وإن غلبت تسمية "انتفاضة نيسان" لشيوع التسمية حينها بعيد الانتفاضة الأولى في الضفة. ولكن الجهات الرسمية بالمقابل ظلت تشير لما جرى بـ"أحداث الجنوب" أو "أحداث نيسان 89" بالذات لتحاشي تسميات "الهبّة" أو "الانتفاضة". وما يزيد غياب الحصافة عن أقوال الوزير, أن من يترأس الحكومة الحالية هو نجل السيد زيد الرفاعي الذي قامت انتفاضة نيسان ضد حكومته وطالبت بترحيلها وتم لها ذلك. وكما هو متوقع بداهة, فإن هنالك أكثر من حديث جارِ ليس فقط عن توريث لمنصب الرئاسة, بل أيضا عن توريث لنهج وسياسات داخلية وإقليمية ودولية صبغت سنوات حكم الرئيس الأب وكذلك الجد سمير الرفاعي, الذي أصبح يشار له, ربما لغرض سياسي حينا ولكن لأغراض التوضيح أحيانا, بـ"سمير الأول".وغني عن القول أنه حين تتصدى حكومة هذا إرثها الذي لا يمكن إنكاره (بل ومعروف أن الرئيس الأب لا يتنكر له بل يدافع عنه باعتباره يمثل قناعاته التي هي من حقه) وفي لحظة تعاملها مع جزء من ذلك الإرث المتصل بالقضية الفلسطينية وبالعلاقة مع الضفة الغربية وأهلها تحديدا. تكون الحكومة تمر في امتحان داخلي دقيق لا يحتمل أخطاء مهنية تكنوقراطية أو سياسية من أي من الفريق الحكومي. فكيف إن كانت تلك الحكومة تخوض أيضا معركة مع منظمات حقوق إنسان دولية. أما التناقضات التي حملتها تلك "الهبّة" فتظهرها مقالات وبيانات لمجموعات صغيرة, أو حتى أفراد في طيف يراوح -وهنا العجب- بين المعارضة وصولا للمطالبة بالملكية الدستورية التي يهتز كامل جسم الدولة لدى سماع ذكرها, والموالاة حد التبعية وقبض مخصصات سخية مقابل مقالاتهم المنشورة في صحيفة الدولة شبه الرسمية, وبعضهم قبض مناصب ذات امتيازات كبيرة بلا تأهيل تنافسي وأحيانا بتجاوز على القوانين وعلى الدستور ذاته. وفي هذه الهبة تتجلى حقيقة أن بعض الذين نشطوا مستقوين بحاجة الدولة لفزعتهم, حمّلوا معركتها أجنداتهم هم, المحقة وغير المحقة, والتي بعضها يكشف نقاط الضعف الحكومية بدل أن يغطيها.فهنالك من طالب بفك ارتباط الإخوان المسلمين مع حماس, مع أن الارتباط هو مع تنظيم الإخوان الرئيس الذي حماس وإخوان الأردن تنظيمان فرعيان منه انتشر مؤخرا خبر تنافسهما على تبعية مكاتب الإخوان في الخليج. ثم إن إخوان الأردن صرح لهم للعمل في الساحة الأردنية منذ عهد الإمارة مع العلم بتبعيتهم للتنظيم الأم. وإن أضفنا لهذا أقوال الحكومة بأن قرار فك الارتباط وما بني عليه من إجراءات سحب جنسية (لا تطال قياديي السلطة وبعض قياديي منظمة التحرير) تتم بالتفاهم مع منظمة التحرير الفلسطينية. فإننا نجد أنفسنا أمام أسئلة أهم من أسئلة هيومن رايتس ووتش: سؤال عن مآل تلك المنظمة على يد السلطة بحيث لم يعد معه بالإمكان الحديث عن المنظمة باعتبارها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني". وسؤال عن دعمنا لنهج السلطة التفاوضي الذي أورث الأردنيين والفلسطينيين هذا الحال الراهن. وسؤال عن موقف حكوماتنا من المقاومة الفلسطينية بالمقابل, التي لا يتاح لها أن تمثل في المنظمة ببساطة لأن ما تبقى من تلك المنظمة حلقة ضيقة طاردة وليست جامعة. ولماذا لا يقف الأردن الرسمي على مسافة مساوية على الأقل من فصائل المقاومة التي تشكل خط الدفاع الأول عن الأردن ضد المخطط الصهيوني ؟؟ ونستذكر هنا قول خالد مشعل في طمأنة الأردن: "لا تخشوا من يقاوم, من يقاوم لا يستبدل وطنا بوطن".وهنالك من هبّ ليطالب المعارضة الأردنية, وهو يحسب نفسه على شق منها (مع أنه منطقيا لا يجوز مطالبة المعارضة بمواقف تبنى على مواقف للحكم) بأمور من مثل اعتراف القوى القومية والإسلامية المعارضة بقرار فك الارتباط (الجدلي وغير الدستوري). وطالب النقابات المهنية بفك الارتباط مع نقابيي الضفة الغربية, مع أن إصرار النقابات على إبقاء ذلك الارتباط كان من أهم عوامل صمود أهل الضفة في مواجهة التفريغ أو التدجين منذ احتلالها عام 1967. غني عن القول أن المعارضة لن تستجيب لمثل هذه الطلبات, ولكن التقدم بها يصب في النهاية في خانة مؤازرة لضغوط الدولة على المعارضة، كما على النقابات وعدد من الأحزاب. وحين تطالب ذات المجموعة الحكومة -وفي ذات البيان- بدسترة قرار فك الارتباط وتحويله من تعليمات إلى قانون يلغي ما يتعارض معه في كافة القوانين الأخرى, إنما تطالب بتعديل الدستور لإتاحة هذا, مما يعني اعترافا بعدم دستورية كل ما قامت وتقوم به الحكومة حاليا بالاستناد لتعليمات شبه سرية.والكل يرحب بفتح باب النقاش الوطني حول "دستورية" قرار فك الارتباط, مما يعني ابتداء نشر تلك التعليمات التي تتذرع بها دولة لسحب جنسيات تعد بالألوف ممن كانوا مواطنيها, ولكن الدولة هي التي ترفض الحوار والنشر. ولو كانت التعليمات منشورة بصورة رسمية لما طالبت هيومن رايتس ووتش الحكومة بالكشف عنها. وغني عن القول إن الأنظمة والتعليمات تصدر بالاستناد إلى قوانين يشترط أن تكون مستندة للدستور. ولتطبيقها يتوجب نشرها في الجريدة الرسمية. والقانون الذي يحكم أمور الجنسية هو فقط قانون الجنسية الأردني للعام 1954 وتعديلاته التي تنص على شروط استثنائية مشددة لنزع الجنسية كانخراط الشخص في الخدمة العسكرية لدولة أجنبية ورفضه تركها بعد طلب الحكومة منه ذلك. ويشترط لسحب الجنسية قرار من مجلس الوزراء ومصادقة الملك عليه. ويبقى حق الاحتكام للقضاء لنقض القرار مصانا لكل أردني متضرر من أي قرار حكومي, مما لا مجال لتفصيله هنا. ولكننا نحيل المهتمين لمقالتين وافيتين للمحامي الدكتور أنيس فوزي قاسم أستاذ القانون الدولي, الأولى منشورة في يومية "العرب اليوم" بتاريخ 5/7/2009 بعنوان تصويب أوضاع أم سحب جنسية, والثانية في يومية "الغد" بتاريخ 7/2/2010 بعنوان مواطن انتهت صلاحيته.ولكن من الضروري التوقف هنا عند نقطتين قانونيتين. الأولى, أنه لا وجود لقرار فك ارتباط, بأي معنى قانوني لكلمة "قرار". فما صدر عن الملك الراحل عام 1988 هو خطاب يتحدث عن فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة. ولم تتخذ أي من الخطوات الدستورية لتحويل فك الارتباط هذا إلى "مرسوم" (قرار ملكي) بصيغة تنسّبها الحكومة (كونها ستكون مساءلة عما ينتج عن تطبيقه) وينشر في الجريدة الرسمية. كما لم ينشر أي "قرار" اتخذته الحكومة في هذا الشأن ولا أية تعليمات. هذا مع أن الحقوق الدستورية والقانونية لا يملك أحد أن يتخذ قرارا بمصادرتها, وحتى إن جرت المصادرة بالاستناد لقانون يكون قرار المصادرة خاضعا للطعن لدى محكمة العدل العليا. وبالمناسبة, جرى طعن في قضية سحب جواز سفر استنادا لما سمي بتعليمات فك الارتباط في أوائل تسعينيات القرن الماضي, وقضت محكمة العدل العليا ببطلان القرار الحكومي لعدم جواز سحب الجنسية بناء على تعليمات أو قرارات إدارية.ولا يعتد بزعم الحكومة أن الاحتكام للقضاء, ناهيك عن زعم أن طلب نشر التعليمات المطبقة, تطاول على السيادة!! فالسيادة أمر قانوني علمي متفق عالميا على تفسيره, وأهم ما في هذه التفاسير أن أعمال السيادة التي لا يجوز للقضاء الإداري النظر فيها هي تلك التي تقوم بين دول, وليس بين حكومة ومواطنيها فيما يخص حقوقهم. والنقطة الثانية توضح ما يسمى "بالتجنيس" من قبل الحكومة, والذي يطالب بعض من هبّوا لمؤازرتها بوقفه. فالمعنيين هنا هم إما ولدوا أردنيين لآباء أردنيين فاستحقوا الجنسية والجواز تلقائيا, أو هم من جرى تجنيسهم دون استشارتهم أو تقدمهم بطلبات تجنس أو حتى تقدم من يزعمون تمثيلهم بهذا الطلب. فقد قررت حكومة الأردن عام 1949, أي قبل وحدة الضفتين بعامين وحين كانت الضفة الغربية تدار من قبل الحاكم العسكري الأردني, بتعديل أجرته على قانون الجنسية الأردني, أن "جميع المقيمين عادة عند نفاذ هذا القانون في شرق الأردن أو في المنطقة الغربية التي تدار من قبل المملكة الأردنية الهاشمية ممن يحملون الجنسية الفلسطينية يعتبرون أنهم حازوا الجنسية الأردنية ويتمتعون بجميع ما للأردنيين من حقوق ويتحملون ما عليهم من واجبات". ما جرى لا يقتصر على التجنيس القسري, وإن لم يجر الاعتراض عليه لأكثر من سبب نابع من صعوبة حال الفلسطينيين حينها الذي لا يتيح هامشا لخيار, ناهيك عن اعتراض. ولكن الأهم هنا هو أن الجنسية الفلسطينية أسقطت عنهم جمعا بهذا القرار. بل إن ذات قانون الجنسية الفلسطينية الذي أصدرته سلطة الانتداب البريطاني عام 1925, أسقط بأن توقف العمل به دون أي إحراج لسلطة الانتداب التي كان من الصعب جدا -بل من المستحيل- أن تبادر لإسقاطه عن أهل فلسطين فيما تبقى من أرضها ولم تعطه للصهاينة القادمين توا من كل أصقاع وجنسيات العالم. وقولنا باستحالة أن تقوم بريطانيا بهذا ليس حسن نية بها, بل لأن الجسم الدولي كان يسعى جهده لجعل الفلسطينيين والعرب يقبلون بقرار التقسيم لعام 1947.هؤلاء المجنسون فجأة دون استشارتهم, يتقرر فجأة ودون استشارتهم أيضا سحب جنسياتهم, بكل ما يستتبعه كون الإنسان بلا جنسية ولا جواز في عالمنا المعاصر. ومن العجب الذي تثيره "الهبّات" العصبية, أن أحد من طالبوا بالإجراءات المذكورة أعلاه, سبق أن كتب في أوائل التسعينات واحدة من أبلغ ما قيل عن هذا الذي كان يجري حينها وتفاقم الآن, قائلا: القاعدة في العالم كله أن الشعوب تختار وتغير حكوماتها, بينما في الأردن الحكومات تختار وتغير شعبها, وهي تقرر على الدوام من تريدهم أردنيين, ثم فجأة تقرر أنهم لم يعودوا أردنيين.ولأن الحكومات هي من يقرر وليس الاستحقاق الدستوري والقانوني والإنساني الملزم في العالم كله, فإن عددا من الكتاب وأصحاب المناصب والامتيازات من أصول فلسطينية أيضا, يدعمون نهج الحكومة ولكن بتغطيته بغلاف رحمة تحيل القضية لمجرد معونة لحالات إنسانية. فهم يفتون بأهمية إعطاء ذوي الأصول الفلسطينية جوازا يكون وثيقة سفر ويؤهل حامله وأسرته لتلقي بعض الخدمات الحكومية. ولكن دون الحقوق السياسية, أي دون حق الترشح والانتخاب لأي منصب عام. وغني عن القول أن لا ضمانات لأية حقوق أخرى في غياب الحق السياسي, خاصة في بلد يكرس مفهوم المنح والأعطيات والإكراميات بديلا "للحقوق" والواسطة والتشفع بديلا للمنافسة والتأهل. وكله ضمن منظومة "المحاصة" التي يقر بها هؤلاء, والتي يحتكر أعضاء نادي الحكم الضيق لأسرهم وأنسبائهم وشركائهم الحصص الكبرى كلها، ويقومون بتوزيع فتاتها على أصحاب الواسطة . بقي أن الأصوات التي تؤيد سحب الجنسية, بمن فيها تلك التي كانت تطالب لوقت قصير مضى -ومع كل خرق لاتفاقية وادي عربة تقوم به إسرائيل وكل تهديد جديد تخرج به لاستقلال وسيادة وحتى بقاء الأردن- بوقف التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وإلغاء الاتفاقية. لم تطالب الحكومة هذه المرة بأي من هذا, بل طالبت فقط بقيام الحكومة بحملات دبلوماسية وسياسية تتمحور حول حق العودة. هذا مع أن أخطر ما لحق بحق العودة هو نصوص تلك الاتفاقية التي أحالت اللجوء, كما يفعل الكتاب الذين هبوا لنجدة حكومة مضطربة, إلى قضية إنسانية وليس قضية سياسية. ووادي عربة هي التي اعترفت بحدود شرق الأردن زمن الانتداب "حدودا دولية" مع إسرائيل, ولكنها سمحت في الوقت نفسه بوجود مستوطنتي الباقورة والغمر على أرضها إلى أجل غير مسمى وبامتيازات للمستوطنين تخرق فعلا السيادة الأردنية. ووادي عربة أقرت بوجود مستوطنات على طول الغور بما يتجاوز على حق الفلسطينيين في أرضهم وبما يحقق عزل أي كيان سيقوم باسم دولة عن محيطه العربي. وهي التي أقرت بحق إسرائيل في القدس الشرقية حين قبلت أن توكل إسرائيل دورا في المقدسات للأردن. والكثير غير هذا مما عرضنا له مفصلا في العديد من مقالاتنا السابقة. وبغض النظر عن لماذا وكيف تم هذا, فإن المخرج الوحيد للأردن مما وقع فيه وبدأت تجلياته تظهر بوضوح مقلق للجميع, هو الخروج من فخ المعاهدة. والبدء يكون بوقف التطبيع مع إسرائيل وحشد الشعب بكل قواه وأصوله ومنابته وراءها, وهو ما تلزمه ديمقراطية حقيقية تجمع ولا تفتت, وتقوي ولا تضعف الصوت الشعبي.فما تفعله الحكومة الآن, في نظر الغالبية الساحقة من الشعب, يلخصه عنوان مقالة يقول "يعادون نصف الأردنيين ويكرهون النصف الآخر". ولهذا يجري تداولها إلكترونيا بكثافة وكأنها ميثاق وطني جديد. والكاتب خالد محادين أردني تعود جذوره لقرون هي عمر مدينته الكرك. وهو ليس معارضا بل قبع في الديوان الملكي لسنوات مستشارا إعلاميا للملك الراحل. وفي هذا مؤشر للحكومة على كيفية تحقيق "هبّة" شاملة وداعمة للحكومة في مواجهة كل ما أضعفها رضوخها له, وليس "هبّة" ضيقة تزيد حمل حفنة "الأزلام" الذي يكاد يودي بها.
|