[ Old | Home Page | Our Sites Now | Books | Politics | Opinion | Journals | Press | News | News2 | Articles | Articles2 

| Articles3 | Articles4 | Articles5 | Articles6 | Articles7 | Arts | Chomsky |Manifesto | NeSan2011+Noveleeta+Black-Spring ]

omcopy7.JPG

 

ننفرد بنشر تقرير للباحث الإسرائيلي كاري سوسمان من جامعة تل أبيب:

 sussman1.jpg

*يشتري الوقت من أجل حل طوعي على قاعدة الخيار الأردني

 sussman2.jpg

*عمان هي القدس الجديدة وفقا لمخطط شارون الفلسطيني في الأردن..

 sussman3.jpg

ـ الدولة الفلسطينية المؤقتة تحول قضايا الحل النهائي إلى خلافات حدودية غير عاجلة بين دولتين

 sussman_map_lo_res.jpg

ـ هدف شارون تذويب كيان فلسطيني في الدولة الأردنية ونقل مصالح الفلسطينيين الاقتصادية للأردن ومصر

 Mar-25-Gary-Sussman.jpg

ـ مهمة الدولة الفلسطينية المؤقتة إلغاء تمثيل منظمة التحرير لفلسطينيي الخارج ووقفمطالبتها بحقهم في العودة

 Mar-25-Two-State-1.jpg

عمان ـ  حركة إبداع وشاكر الجوهري:

ننفرد بنشر هذا التقرير بالغ الأهمية والخطورة، للباحث الإسرائيلي في جامعة تل أبيب كاري سوسمان، وقد تمت ترجمته عن الإنجليزية.

التقرير أعد في آذار/مارس الماضي بعنوان "تقرير شرق أوسطي ـ أرئيل شارون والخيار الأردني".

وهو يخلص بعد أن يستعرض مفردات المسار الفلسطيني، إلى أن رئيس وزراء إسرائيل يقوم بعملية شراء للوقت بهدف الوصول إلى حل القضية الفلسطينية في الأردن، وتحويل العاصمة الأردنية عمان إلى قدس جديدة، وتذويب الكيان الفلسطيني المحدود الذي يعتزم الانسحاب منه، ولا تزيد مساحته عن 58 بالمئة من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، في الأردن، وجعل الفلسطينيين يبحثون عن مصالحهم الاقتصادية في الأردن ومصر.

ويجزم التقرير أن الحل المؤقت الذي يتحدث عنه شارون يهدف إلى تحقيق أمرين:

الأول: أن يتحول الحل المؤقت إلى حل نهائي، بعد أن يؤدي قيام دولة فلسطينية مؤقتة إلى إطالة أمد الخلاف الحدودي النهائي بين الجانبين، باعتبار أن الخلافات الحدودية لا تكتسب صفة الاستعجال.

الثاني: حين تصبح الدولة الفلسطينية المؤقتة هي من يمثل الفلسطينيين، تفقد منظمة التحرير هذه الصفة، وتتراجع قدرتها على تمثيل الفلسطينيين في الخارج والمطالبة بحقهم في العودة.

 Mar-25-Two-State-4.jpg

هنا نص التقرير:ترجمة تيسيرنظمي

متحمس شره لأرئيل شارون وخطته بالفصل أحادي الجانب كتب قائلا: "إن خطة شارون  

ولدت ناقصة "بلا رؤية وبدون أفق دبلوماسي، وخالية من أية أبعاد أيديولوجية". ووجهة النظر هذه منرئيس الوزراء الإسرائيلي، لامعة تكتيكيا ولكنها تفتقر لمفكر استراتيجي، فهي شائعة لكنها مخطئة. فشارون ينتمي بوضوح، لهيكل سيد التكتيكيين في السياسة المعارضة، ولكنه في الواقع يمتلك استراتيجية طويلة المدى. وخطة الانفصال من جانب واحد تتناسب تماماً مع هذه الإستراتيجية. فلم تعد رؤيته تتمثل بخلق دولة فلسطينية محدودة على 50% من الضفة الغربية كما افترض الكثيرون لوقت طويل. وعوضا عن ذلك، يرى شارون أن دولة فلسطينية في جزء هام من الضفة الغربية، ممكنة بنسبة 80%. وشارون يعي جيداً أيضاً أن وجودا كهذا ليس "قابلا للحياة". ويفترض، في الحقيقة، أن ترتيبات دولتين لا يمكن إسنادها وسوف لن تجلب نهاية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي

وعلى المدى الطويل يأمل رئيس الوزراء الإسرائيلي أن تذوب الدولة الفلسطينية في الأردن. وفرضيته هي أن الانفصال من جانب واحد عن غزة وعن أجزاء من الضفة الغربية يجعل خطته تدير التحول بعناية شديدة بعيداً عن الحكم الإسرائيلي المباشر لأغلبية الفلسطينيين، وسوف تؤدي لحراك هذه العملية، ومع مرور الزمن، كما يحسب شارون، فإن متاخمة "فلسطين" لجارتها في الجهة الشرقية، وكذلك مع تنامي التجارة والروابط الثقافية و"الدمقرطة"، التي تتزعمها إدارة بوش، سوف تغري الفلسطينيين غربي وشرقي نهر الأردن بالتحرك بأنفسهم نحو فيدرالية فلسطينية ـ أردنية.

وإذا ما افترض المرء أن شارون ما زال متمسكاً بما أعلنه ذات مرة بوضوح بأن "الأردن هي فلسطين" فإن تقاطعه مع مؤيديه القدامى وسط الحركات الاستيطانية واليمين يصبح من السهل فهمه.

نوايا شارون

السياسيون أكثر صراحة مما نعتقد. فهم في الغالب يعنون ما يقولون. فإذا ما قرأ أحد، على سبيل المثال، خطابات الرئيس السابق لجنوب إفريقيا ف. و. دي كليرك منذ عام 1989 لغاية عملية المفاوضات التي أنهت في النهاية التفرقة العنصرية، فإن المرء سيصدم من الصراحة التي أعلن بها خطته وبرنامجه. فقد بحث دي كليرك تجاه فرض ديمقراطية محدودة، ليخفف من حدة الديمقراطية العالمية وبضمانات على قدر من الأهمية للأقلية البيضاء. وكان يأمل من فعل ذلك ضبط خطوات ومجال التحول. كما أنه كان يعتقد أن بإمكانه أن يتفوق على الكونغرس الوطني الإفريقي الذي افترض أنه سيضعف كثيراً مع انهيار حليفه الإتحاد السوفياتي. وبنفس الطريقة تقريباً هدف غورباتشوف لهندسة عملية تديم شيوعية الاتحاد السوفياتي ولكن مع إصلاحه، أما كون البريسترويكا وبريتوريا ـ سترويكا قد فشلتا في تحقيق أهدافهما فإن ذلك بالطبع أمر آخر بالكامل. إن خطابات القادة السياسيين وتصريحات مساعديهم دليل حاسم لأولئك غير المقربين من القادة ومن أفكارهم الداخلية. وأرئيل شارون كان أقل قدرة على فعل الخير بتحديد وجهته الأخيرة ضمناً. لكنه كان واضحاً بخصوص أهدافه العاجلة. ففي تصريحاته منذ كانون أول/ديسمبر 2003، عندما أعلن عن خطة الانفصال من جانب واحد، أشار مراراً وتكراراً أنه يتمنى أن يشتري الوقت لإسرائيل كي يجري تعديلاً للحالة الفلسطينية وسط بلوكات من المستعمرات الاستيطانية، والطرق الالتفافية، والقواعد العسكرية في الضفة الغربية. ورغم ذلك كان خجولاً حول ما يتوجب عمله لاحقاً. فشارون لم تتغير آراؤه الأساسية في الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ومثله مثل كثير من الإسرائيليين لديه شكوك عميقة بالعرب ولا يثق بهم. وكما يوضح دوف ويزغلاس المستشار السياسي الثقة لرئيس الوزراء: "إنه ـ أي شارون ـ يعتقد بأن العالم العربي يرى في إسرائيل عبئا ولن يتوصل إلى التعايش مع وجودها". كذلك فإن شارون يرفض أي مقدمة للتفاوض الشامل حول دولتين يقود وجودهما للسلام والمصالحة من نوع التسوية التي تأمل منافسه السابق من حزب العمل أن تقود نحو "شرق أوسط جديد". فالفرضية المرشدة لمعظم المسؤولين الرسميين وغير الرسميين عن مبادرات السلام حتى الآن ـ سواء اتفاقات اوسلو عام 1993 و1994 أو مبادرة السعودية في آذار/مارس 2002 أو اتفاقات جنيف في كانون أول/ديسمبر 2003 كانت تعني أن تسوية شاملة سوف تزيل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من قائمة مهيجات المنطقة، معبدة الطريق نحو التوافق والتعاون والتكامل. وأكثر الأدلة دموية لهذه الرؤية، بالطبع، كان زعيم حزب العمل شمعون بيريس. بالنسبة لأرئيل شارون، مع ذلك، ليس هنالك ثمة شرق أوسط جديد في نهاية النفق. وعوضاً عن ذلك يبحث عن استخدام إجراءات أحادية الجانب لإدارة الصراع لما فيه مصلحة إسرائيل. ونموذج إدارة الصراع هو في الجوهر تباين حديث حول فكرة الصهيونية التعديلية التقليدية بـ"الجدار الحديدي" الفكرة التي اعتنقها زئيف جابوتنسكي. فقبل إعلان استقلال إسرائيل، طرد الصهاينة التعديليون فكرة التسوية التفاوضية مع الوطنية الفلسطينية من أذهانهم. وبدلاً من ذلك دعوا لبناء "جدار حديدي" رمزي بين إسرائيل والمحاذين العرب إلى حين بزوغ قيادة عربية "معتدلة" تكف عن مجرد النية في تدمير الدولة اليهودية الجاري صنعها. والانتفاضة الثانية أقنعت الإسرائيليين أن وجود جدار حديدي ما زال ضرورياً. يوضح قلق شارون العميق من العرب لماذا عارض خلق دولة فلسطينية مستقلة منذ أمد بعيد. ففكرته التقليدية هي أن إسرائيل بحاجة لأن تستقر في ما وراء السهل الساحلي.. إذا ما قدر لها أن لا تكون "كتلة من الاسمنت تمتد من عسقلان إلى نهاريا على طول الحدود مع بنادق العرب، وأن تعتمد على حماية القوى الصديقة"، على عكس حلفائه السابقين في الجناح اليميني المتدين في حركة المستوطنين، فإن شارون على أية حال يريد أن يجري تعديلات على تكتيكه لخدمة أهدافه الإستراتيجية. وليس من قبيل المصادفة أن اتهم مؤخراً المستوطنين بأن لديهم "عقد تبشيرية".

وشارون من حيث المبدأ يعارض الحاجز الفاصل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية ولم يتسامح معه إلا فقط عندما أدرك أنه لا يستطيع تحدي التأييد الجماهيري المتنامي للمشروع. حينئذ خصص برشاقة الحاجز لخدمة برنامجه هو. وبالمثل، فإن شارون أدرك أنه ليس بمقدوره مقاتلة الفكرة المتزايدة لهيمنة وتجزئة المناطق بين البحر المتوسط ونهر الأردن. كما أنه قلق قلقاً حاداً من أن يواجه الولايات المتحدة، ونقطة التحول بالنسبة له كانت هي الرئيس جورج بوش في احتضانه "لحل الدولتين" في خطابه في حديقة الزهور يوم 24 حزيران/يونيو 2002. لكن شارون لديه فكرة جد مختلفة عن حل الدولتين، غير تلك التي تتصورها السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي. قد يصف المرء رؤيته تلك بأنها "حل دولةوثلاثة أرباع الدولة". فمنذ أن وصل إلى الحكم في شباط/فبراير 2001 لجم شارون بذكاء ومهارة مفاهيم مثل تكوين دولة، الحاجز، والانفصال أحادي الجانب كي يضخم من مكاسب إسرائيل في الأراضي وكي يغير في مسار الضغط الديمغرافي من إسرائيل نحو الشرق. في الأسابيع الأخيرة ادعى شمعون بيريس، الرجل الذي لا يتعب، والذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس الوزراء، في حكومة شارون للفصل من جانب واحد، أنه في الوقت الذي أمن حزب الليكود إتلاف القوة السياسية، فإن حزبه كسب معركة الأفكار. فأطروحة العمل الصهيوني بشأن حاجة إسرائيل إلى تجزئة في الأراضي من أجل إنجاز السلام برزت في الحقيقة بروزاً مسيطراً. واحتضن شارون كذلك فكرة اليسار الصهيوني بالانفصال من جانب واحد مقترحاً العصا الغليظة المؤثرة لانتصارات العمل الصهيوني. وسيادة نموذج أحادي الجانب كما يفهمه شارون، رغم ذلك، شكل انتصاراً عظيما للصهيونية التعديلية،  ففكرة "الجدار الحديدي"، وكذلك الاعتقاد بأن لا حل للصراع كسبت عملة على نطاق أوسع في إسرائيل. وعلى نحو ديكالتيكي فإن شارون استطاع تأليف وتركيب الأفكار التي يتبناها اليسار الصهيوني من أجل توسيع رؤيته لما يجب أن تكون عليه إسرائيل الآمنة.

منطق شارون الأحادي الجانب

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي ومساعدوه أكثر شفافية في تحديد الأهداف من وراء خطة الفصل من جانب واحد. كما أشرنا سابقاً، فأولا وقبل كل شيء ما نطق به شارون من عزله لنموذج حل الصراع وبمقتضاه "مسائل الحل النهائي" في الصراع ـ بالدرجة الأساس الحدود والمستوطنات ومسألة اللاجئين الفلسطينيين والقدس ـ كان ممكنا حلها في الحال. أحد قادة خطة الفصل ومهندسيها إيغال جلعادي يرى أنه من "المستحيل" التوصل لاتفاق الوضع النهائي في خطوة واحدة، ويرفض جلعادي فكرة أن السلام يجلب الأمن وبدلاً من ذلك يرى أن الأمن يجلب السلام، أكثر من ذلك يراد للخطة أن تحرر إسرائيل من خارطة الطريق التي تطرح الدولتين كحل تتبناه الرباعية، الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي الذي تم التشريع له في أيار/مايو 2003، مناقضاً بحدة تعهداته للمجتمع الدولي وتعليقاته الأخيرة في 8 شباط/فبراير 2005 في مؤتمر شرم الشيخ، فإن شارون تحدث بوضوح لمجموعة من السفراء الإسرائيليين أنه "لن يكون هنالك تحولا مباشراً من خطة الفصل إلى خارطة الطريق". إن الهروب الناجح من خارطة الطريق يضمن لإسرائيل أن تؤكد سيطرتها على العملية الدبلوماسية وأن تديرها وفق المفهوم الإسرائيلي لها. فقبيل قمته مع جورج بوش في نيسان/ابريل 2004 أشار شارون إلى أن "المبادرة الإسرائيلية فقط سوف تبقينا بعيداً عن الإنجرار لمبادرات خطيرة مثل مبادرات جنيف ومبادرة السعودية". إن فشل شارون في اتخاذ أية مبادرة دبلوماسية في فترة ولايته الأولى خلق فراغاً دبلوماسياً ملأه الآخرون. ففي جزء منها كانت خطته رد فعل لهكذا جهود. ويقر دوف ديزغلاس أن الخطة "تجبر العالم على التعامل مع فكرتنا"، ومع السيناريو الذي كتبناه، فباستعادة السيطرة ينوي شارون حرف مفاوضات الوضع النهائي مع الفلسطينيين التي نصت عليها الفقرة الثالثة من خارطة الطريق. وفي مثل هذا التبادل فإن تنازلات الفلسطينيين في حق العودة للاجئين سوف تكون بحاجة لمقابل من المرونة الإسرائيلية في القدس، والمستوطنات والحدود. وقد شبه ويزغلاس خطته بغاز "الفورمالديهايد" عديم اللون المطبقة من أجل "ألا تكون هنالك عملية سياسية مع الفلسطينيين".

فالمقاربة أحادية الجانب، إذن، تسمح لشارون بمخاطبة مسائل المستوطنات والحدود دون مفاوضاتوعلى قاعدة تصب في مصلحة إسرائيل. ويفترض شارون أن إجراءات "مؤلمة" مثل إزالة مستوطنات صغيرة سوف تمكن إسرائيل من السيطرة على مجال الانسحاب. وفي أحاديث خاصة وفي العديد من المقابلات مع وسائل الإعلام أشار رئيس الوزراء أن خطته "تشكل ضربة قاتلة للفلسطينيين" ولبحثهم عن دولة، وسوف تجعل من المستحيل العودة لخطوط هدنة عام 1949. ويشرح الصحفي المقرب منه يوري دان أن خطة "الفصل الفظ" لشارون بمثابة مقدمة لتقديم تضحيات تكتيكية مقابل مكاسب استراتيجية في الضفة الغربية.إنه لمن المذهل أن يواصل شارون العناد في العودة لعملية ثنائية حتى وإن كانت العقبة الكأداء ياسر عرفات لم تعد موجودة. إن خطة الفصل تم تقديمها بعد كل شيء كوسيلة لتفادي تمرد وقسوة ياسر عرفات. رغم أن خلفه محمود عباس قد يكون متشدداً في تجنب العنف كوسيلة نضال فلم ينحدر بعد للخطوط التي رفض عرفات التزحزح عنها في كامب ديفيد تموز/يوليو 2000، فهذه مواقف لا يستطيع شارون أبدا الموافقة عليها.

الانسحاب إلى ماذا..؟

السؤال الحرج الذي ما يزال دون إجابة هو ما هي الخطوط الحمراء للانسحاب إذا ما علمنا أن شارون على درجة من الفطنة بحيث يتجنب انسحاباً وفق اتفاقية جنيف وتفصيلاتها. الناطق الرسمي باسمه رعنان غيسين أشار إلى أن خطة شارون "سوف تزيل مسألة أية إخلاءات رئيسية أخرى في يهودا والسامرة، وخاصة مجموعة المستعمرات الرئيسية". والخطة كما يشير غيسين تترك لإسرائيل "معظم المناطق الحيوية التي نحن بحاجة إليها". وكأن شارون قد قال أن إسرائيل بحاجة "لعمق استراتيجي" أكبر، وأن باستطاعتها تحقيق ذلك من خلال بناء "مناطق أمينة" بمثابة ضمادات تتشكل من أراضي محتلة لن تنسحب منها إسرائيل. وموضحاً طبيعة هذه المناطق يرى غيسين أنه "سيكون هنالك منطقة أمنية شرقية وأخرى غربية، والشرقية تمتد لمسافة من 10ـ15 كم، والغربية لمسافة 3ـ5 كم من حدود عام 1967". وعند الضغط على رعنان غيسين كي يقدر النسبة المئوية من الضفة الغربية التي ستترك للفلسطينيين قال إنها ستكون 58% وقد عزز هذه النسبة مستشار شارون السابق للأمن القومي افرايم هاليفي، وكذلك الصحفي بن كاسييت الذي أوضح بالتفصيل استراتيجية شارون قبل بضعة أيام من خطاب شارون في هرتسليا في كانون أول/ديسمبر 2003، والذي كشف فيه لأول مرة عن خطته. وفي لقائه مع صحيفة "ها آرتس" واسعة الانتشار الذي استخدم فيه لأول مرة كلمة "فورمالديهايد" قال ويزغلاس إن الانفصال سوف يضمن أن 190 ألفاً من أصل 240 ألف مستوطن "لن يتزحزحوا من أماكنهم" ومع إعادة توطين 50 ألف مستوطن يعيشون في الضفة الغربية وغزة (الرقم 240 ألف يستثني المستوطنين المقيمين في شرقي القدس ومحيطها) فإن إسرائيل ستظل تسيطر على جزء هام من الضفة الغربية. ومثل هذا الانسحاب سوف يتماشى بفظاظة مع الخطة التي اقترحها الجنرال يغال ألون في تموز/يوليو عام 1967 والذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة حزب العمل آنذاك. لذلك فإن المقابلات السالف ذكرها تؤكد ما سبق وأن أكده العديد من النقاد حول نوايا شارون.من ناحية أخرى فإن إيغال جلعادي ذهب إلى أبعد من ذلك عندما قال إن الرقم النهائي "لمناطق الضفة في الجانب الغربي للحاجز سوف يكون شريطاً أقل من 10%". وقد أكد على هذه النسبة أيضا أيهود اولمرت الذي يشغل الآن نائب رئيس الوزراء، وسبق له أن شغل رئيس بلدية القدس.كما تشير ذيول حاجز الانفصال الذي تبنته الحكومة الإسرائيلية في 20 شباط/فبراير 2005 إلى نفس هذا التوجه.هذه التقييمات تدلل على أن شارون يفكر في مجموعة من سيناريوهات الانسحاب تتراوح ما بين إخلاء إسرائيل لـ60% من الضفة الغربية إلى ما هو أقل من 90% منها.

والعديد من المراقبين يرجحون أن شارون سوف يقرر الحدود النهائية للكينونة (الوجود) الفلسطينية بالجدار الفاصل، وأنه طبقاً لذلك فإن مسار الحاجز في الضفة الغربية وشرقي القدس يتغير وفقاً لما يفكر به شارون من نسب للوجود الفلسطيني الذي سيقبل به، وأن أحكام محكمة العدل الدولية ومحكمة إسرائيل العليا حول الجدار الفاصل حدت من قدرة شارون على فرض السيناريو الأقل عطاء للفلسطينيين الذي يتصوره. لكنه ثمة حافز أكبر لانسحاب أوسع هو أن مثل هذا الانسحاب سوف يغري جهود شارون على المدى الطويل بأن يضخم مكاسبه من المناطق.

 إعادة تأطير الصراع

إن أول أهداف شارون هو خلق دولة فلسطينية تابعة، بمناطق لها حدودها، ومن ثم تحديد مناطق يتم التنازل عنها لاحقاً لتلك الدولة. فالدولة الفلسطينية التي لها حدود مناطقية تم الوعد بها في المرحلة الثانية من خارطة الطريق. ومع ذلك فإنه بالمقارنة مع الفلسطينيين، فإن شارون يسعى لأن يتجنب المرحلة الثالثة من خارطة الطريق لأطول فترة ممكنة. ويقر ويزغلاس بأن شارون احتضن الفصل من جانب واحد فقط عندما أصبح من الواضح أن لا وجود لشريك فلسطيني لترتيبات المرحلة الانتقالية التي تؤجل المرحلة الثالثة.

إن رفض عرفات القبول بهذه الفكرة عزز جهود إسرائيل في تهميشه. فمن وجهة نظر شارون، إن دولة فلسطينية محدودة بالمناطق التي بها كثافة سكانية فلسطينية عالية تعيش على أقل ما هو ممكن من الأرض، يمثل مسألة استراتيجية. فمثل هذه الدولة (Statelet)  تطور يد إسرائيل في مفاوضات الوضع النهائي، لأنه يسهل تصوير الصراع بسهولة في هذه الحالة على أنه خلاف بين دولتين ذاتا سيادة. ولا تعود إسرائيل بالتالي مضطرة للتعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل اللاجئين، كما يذهب عزمي بشارة.هناك فرق هائل بين التفاوض على تسوية نهائية مع دولة، وبين التفاوض مع حركة تحرر وطني، فالعشرات من الدول لديها نزاعات حدودية ليس فيها ما هو مستعجل أو طارىء يدعو للقلق بخصوصها، على عكس قضايا التحرر الوطني. وشارون ليس لديه النية في أن يتباحث مع حركة تحرر وطني بالطبع. لذلك سوف يخسر الفلسطينيون إن هم قبلوا بدولة خارج إطار الحل النهائي الدائم العادل الشامل مثل هذه الفرصة. ودولة مبتورة مجتزأة منذ بدايتها هو ما ينوي شارون جعله حلاً نهائياً لهم.كما أن الانفصال يسمح لإسرائيل أن تدق إسفينا في الأرضية الأخلاقية العالية للصراع. ولهذا السبب فإن شارون سوف يذهب إلى ما هو أبعد من جشعه في نسبة الـ60% التي يفترضها الكثيرون بأنها ستعاد للفلسطينيين ضمن خطته. وفي نفس الوقت فإنه قام بجهد حاسم للتقليل من توقعات الفلسطينيين والإسرائيليين.

والمجتمع الدولي في ما يتعلق بمدى الانسحاب النهائي. فهو يرى أن تربية نظرة تشاؤمية لدى الآخرين سوف تخدمه عندما يقدم في النهائية ما هو أقل من "العرض السخي" الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود باراك في كامب ديفيد. فكلما زادت مساحة الأراضي التي يوافق على إخلائها، كلما ازداد موقفه قوة عندما سيطالب بضم ما تبقى منها. وإذا استخف الفلسطينيون، كما يتوقع، بهذه الانسحابات، سوف تكون إسرائيل للمرة الثانية قادرة على تحميل الدوغما الفلسطينية مسؤولية الضم والإلحاق الإسرائيلية.

ثمة فائدتان إضافيتان أيضا للانفصال، الأولى هي أن انسحابا محدوداً سوف يسمح لشارون بالظهور أمام الإسرائيليين والمجتمع الدولي بمظهر المتضرر من "التنازلات" المتعلقة بالمناطق. لذلك سوف يتمكن من تقويض تسوية السلام الشامل بطريقة ذرائعية.

بصفته قائد استيطاني بارز يوضح الحاخام يوئيل بن ناف أن شارون "يحتاج مصيبة وطنية للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي والمجتمع الدولي بحيث يكون من المستحيل تكرار مثل ذلك مرة أخرى".أما الفائدة الثانية من الانفصال، فهي في كون الخطة تخفف من الضغط الداخلي الذي يحمل شارون مسؤولية المخاوف الديمغرافية. فالإسرائيليون تستحوذ عليهم المخاوف الديمغرافية ـ التناسب بين اليهود وغير اليهود ممن يسكنون إسرائيل ـ فلسطين. فخوفهم من تدني نسبة الأغلبية اليهودية قادهم إلى تحول دراماتيكي نموذجي أصبح فيه وجود دولة فلسطينية مع كل ما تحمله من امكانات أن تكون دولة تشكل تهديدا مسلحاً لهم، أهون بلاء عليهم من الخطر الديمغرافي. وبتسليمه لغزة فإن شارون يعدل الميزان الديمغرافي ويقلل من الضغط الداخلي عليه بتسوية شاملة. زيادة على ذلك فإنه بإزالته لغزة من المعادلة فإنه يضعف اليد الفلسطينية في صفقة تالية.وقبل كل شيء إن الخطة سوف تسمح لشارون بأن يحارب من أجل المناطق التي يرى أنها حيوية. بالمقارنة مع أسلافه، فإن شارون لا ينفق وقتاً ثميناً في معارك سياسية رمزية. وهذه الصفة هي ما يميزه عن الصقور المتدينين. فالرسالة التي حصل عليها من بوش في نيسان/ابريل 2004 شهادة له على تمركزه الاستراتيجي. فالوقت الذي كسبه من وراء لعبة الانفصال من جانب واحد هو وقت مكن إسرائيل من خلق حقائق جديدة على الأرض ومن تحصين المستعمرات الاستيطانية.وكما صرح شارون بنفسه لجمهور من المستوطنين "إن معاليه ادوميم سوف تكبر وتغدو أكثر قوة وكذلك مستوطنة أرئيل وبلوك مستوطنات عتصيون، جيفات زئيف، سوف تبقى في أيد إسرائيلية وسوف يتواصل تطورها. والخليل وكريات أربع سوف تغدو أكثر قوة".حتى أكثر قادة حزب الليكود ليبرالية، ايهود اولمرت، أوضح أن هذه التجمعات لن يتم التخلي عنها. وفوق خلق حقائق جديدة على الأرض، فإن قرار التخلي عن غزة جعل من السهل بناء تحالف إسرائيلي داخلي من أجل أن يحارب في سبيل الحفاظ على هذه البلوكات. فشارون وحلفائه من الليكود يدركون أن "حلولاً" بديلة مثل ترحيل التجمعات الرئيسية لعرب إسرائيل لداخل الوجود الفلسطيني أو تقطيع الضفة الغربية بالكامل إلى كانتونات منفصلة ليس بحل معقول. فالخيار السابق الذي يدعمه علناً افيغدور ليبرمان من أقصى اليمين في حزب "يزرائيل بيتينو" والذي يرعاه ضمناً بنيامين نتنياهو، المنافس الرئيس لشارون داخل الليكود، من الممكن أن يكون ممكناً فقط إذا حظي بتأييد اليسار الصهيوني. وحتى الآن لم يمتدح الفكرة باقتضاب غير أفرايم سنيه الذي شغل منصب وزير الدفاع في حكومة بارك. أما الدعم الجماهيري للفكرة من الوسط السياسي فقد يزداد مع مرور الوقت وازدياد المخاوف الديمغرافية. وكما يوضح الصحفي ألوف بن "إن حل الانسحاب من المناطق لم يعد كافيا لأنبياء الديمغرافيا الغاضبين مثل البروفيسور عرنون سوفر، وسيرجيو ديلا بيرغولا". لكن دعما جماهيرياً حرجا لم يتشكل بعد.لقد دعم شارون خيار الكانتونات منذ أن دخل عتبة العمل السياسي، غير أن المراقبة الدولية المتزايدة للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي في سنوات الانتفاضة الثانية أخذت هذا الخيار من على طاولة تصور الصقور الإسرائيليين. يشير ايهود اولمرت "إن برنامج الكانتونات سوف يخلق وضعاً لم يجر تحضير العالم له كي يتعايش معه لأنه سوف لن يسمح لمنطقة متاخمة لاتعطي للفلسطينيين الأسس الأدنى للتمتع بالاستقلال تحت حكم ذاتي وسيادة. فالخطة تحولهم إلى شيء، وآسف لما تحمله المقارنة من تقليل شأن، أشبه بجنوب أفريقيا السابقة. إن العالم لا يقبل بمثل هذا".

 التعايش مع دولة فلسطينية محدودة

يثمن شارون أن شيئا مما سيدعوه البيت الأبيض "دولة فلسطينية" أصبح شيئا من المعطيات. وهو يحاول الآن أن يخلق إجماعا محلياً ودوليا من أجل دولة فلسطينية محدودة، وبالرغم من ذلك أكبر مما يتصور المقللون من شأنه أنه جاهز للقبول به.بل أنه سيرضى حتى بسيادة أكبر للوجود الفلسطيني مما كان سلفه قادراً على إعطائه. قد يسمي البعض مشروعه الحالي بمشروع "تحالف العشرين بالمئة ـ من الضفة الغربية لإسرائيل". وبعبارة أخرى إنه يسعى لتعزيز مواقف إسرائيل من المسألة الفلسطينية بحدود يعتبرها حيوية لإسرائيل. لذلك فإن إجراءاته الأحادية الجانب بعيدة عن إعادة تغليف فكرة حل الدولتين. فمن منظوره أن هذه المقاربة عقلانية. وشارون على أية حال يؤمن أن سلاماً متفاوضاً عليه مثل ذلك الذي تمخض عن اتفاق جنيف سوف لن يحل الصراع.  ولا يستطيع شارون إلا أن يحصي عدة نجاحات فقط في محاولته. فخطته يجري تصويرها على أنها اللعبة الوحيدة في البلد أولاً. وثانيا فإن الرسالة التي حصل عليها من بوش تعترف بـ"الحقائق على الأرض" الإسرائيلية. وعلى المستوى الداخلي فإن خصي شارون لحزب العمل يمثل انتصاراً في جهوده لتعزيز الطوبوغرافيا السياسية الإسرائيلية. وفي الوقت الحاضر فإن اكبر تهديد لبرنامجه يأتي من اليمين الديني والأيديولوجيين والمشرعين الساخطين في الليكود.

إن خلق دولة فلسطينية محدودة مليء بالمخاطر لإسرائيل بحيث يمكن أن تجد نفسها مع جار غير مستقر. وكما يشير جدعون ليفي "لا يمكن أن توجد دولة فلسطينية مستقلة بين عفرا عتصيون. لا يمكن أن يوجد حل شامل مع أرئيل ومعاليه ادوميم". وليس كل الإسرائيليين يبدون منزعجين من دولة فلسطينية تفتقد لتخوم حدودية ويمكن بالنتيجة أن تكون غير قابلة للحياة. يرى أحد المعلقين من الجناح اليميني أن "فكرة أن البلد تحتاج لوحدة جغرافية فكرة قديمة"، وبالمقابل فإنه يرى أن "قابلية بلد للحياة" وبالدرجة الأساس "هي وظيفة نوعية الحكم". وبدون التقليل من أهمية الحكم، فإن وجودا متشنجا لا يتفق مع مقدماته ومسكون بالفقراء والمظلومين سوف يستمر في توليد الهجمات على المدنيين الإسرائيليين. قد يتفق بصمت بعض الساخرين في إسرائيل مع ما ينجم من نتائج عن مثل هذا الوضع الذي يعزز اطروحاتهم بأن الفلسطينيين لا يريدون السلام.

المسألة الأخرى هي السيادة. إن أدبيات التحول الديمقراطي ترى أن السيادة شرط مسبق للديمقراطية ـ جمعية تشرف عليها بكل ارتياح إسرائيل والمجتمع الدولي في ايلائها أهمية قصوى لـ"الإصلاح" الفلسطيني. ومع ذلك هنالك سبب وجيه للإدعاء بأنه حتى تراجع إسرائيلي متفاوض عليه من الأراضي قد يؤدي إلى دولة فلسطينية بسيادة مخففة. قد تصر إسرائيل جيدا على سيطرتها على معابر الحدود الخارجية من أجل منع تهريب السلاح أو على سيادتها على المجال الجوي. كما أن إسرائيل من المحتمل أن تصر على أن تكون الدولة الجديدة منزوعة السلاح, كما أن إسرائيل سوف تخرق أيضاً السيادة الفلسطينية في الحالات التي تشعر فيها أنها معرضة لتهديد عسكري. أكثر من ذلك، قد تصر إسرائيل أيضا على أن لها حق الفيتو تجاه علاقات فلسطين الخارجية مع دولة معادية لإسرائيل مثل إيران على سبيل المثال. مثل هذه المطالب سوف تحد الأوجه الداخلية والخارجية من أوجه السيادة. فالسيادة الداخلية تتضمن أن تتمتع الحكومة بحقوق غير مشروطة وحاسمة ضد فرض العقوبات، في حين أن السيادة الخارجية تتضمن مجتمعاً يضع سياسة حرة من تدخل الآخرين بها. وكما يقول ديفيد هلد "السيادة.. من طبيعتها الأساسية أن تتضمن درجة من الاستقلال عن القوى الخارجية وعن سيطرة أو سلطة كلية تمارس على المجموعات الداخلية".وسوف تكون غريزة إسرائيل هي أن تحد من السيادة الفلسطينية كما تفهم عالمياً. وحتى وإن أرادت إسرائيل إسناد نخبة محددة من الفلسطينيين الذين لديهم الرغبة في التعاون معها من أجل مصالحهم الشخصية، فإنها سوف تواجه إمكانية أن لا يقبل عامة الفلسطينيين بتلك الكينونة كدولة

"الدولة" توجد بشكل رئيسي في قلوب وعقول شعبها، فإن لم يعتقدوا بوجودها فليس ثمة تمارين وتدريبات ستمنحها الحياة".

وفي المحصلة، إن إسرائيل تحدد المجال والجوهر للسيادة الفلسطينية التي سيجد الفلسطينيون والإسرائيليون أنفسهم فيها. وإذا لم يعترف الفلسطينيون بالدولة الفلسطينية فسوف تكون بمثابة بانتوستانات كتلك التي كانت في جنوب إفريقيا. من الصعب أن نتخيل أن أرئيل شارون ليس مدركاً للمخاطر التي تتضمنها دولة محدودة السيادة والتي ستقودنا إلى الجزء المسكوت عنه في خطته بالانفصال.

الخيار الأردني

جدير أن نتذكر أن "الخيار الأردني" ـ حيث يقوم الوجود الفلسطيني بفيدرالية مع الأردن ـ هو نهاية اللعبة التي يتبناها شارون منذ أن دخل السياسة عام 1974. فلعدة سنوات أيد علنا إزالة "المملكة المصطنعة" في الأردن. وعلى الأقل هنالك شخصية أردنية بارزة تعتقد أن المناورة التكتيكية الإسرائيلية يجب أن يجري تقييمها في ضوء أفضليات شارون السابقة. فعندما كان لا يزال وزيراً للخارجية وحالياً نائب لرئيس الوزراء (المترجم: الدراسة مكتوبة قبل سقوط حكومة فيصل الفايز) قال الوزير مروان المعشر: "نخشى أن يأتي اليوم الذي يحاورنا فيه القادة الإسرائيليون على أن ـ الأردن هي فلسطين ـ لماذا نحن قلقون..؟ إن الجدار سوف يقسم الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام. سوف يجعل هذه الحياة مستحيلة على الفلسطينيين: إذ يفصلهم الجدار عن أعمالهم وعن مدارسهم وعن أراضيهم. وإذا ما وقع ذلك فما هي الخيارات المتروكة أمام الفلسطينيين..؟ سوف يغادرون طوعياً أو بالقوة إلى الأردن".وفي الحقيقة أن هنالك تعبير مغاير عن الفكرة دون أن يسميها باسمها عند القول بـ"الحل  الإقليمي" الذي يحظى بدعم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. وما يرشح من التقارير الصحفية هو أن غيورا ايلاند رئيس مجلس الأمن القومي هو الذي قدم الخيار "الإقليمي" لشارون. إضافة إلى ذلك فقد أرسل ايلاند لدى تلقيه المباركة على ذلك بمندوب لطرح الفكرة على المجتمع الدولي. والفارق البارز بين قائد قوات الدفاع الإسرائيلية الحالي وبين القائد السابق شارون هو أن السابق يتخيل أن مثل هذا التكييفaccommodation من الممكن التفاوض حوله. وشارون الأكثر حذرا في تثمين أن لا الفلسطينيين ولا جيران إسرائيل سوف يوافقون على الفكرة.كيف سينجح شارون في التأثير على النتاج ثنائي القومية في الصراع..؟ كثيراً ما أشار هو والناطقين الرسميين أن خطة الانفصال تشتري الوقت لإسرائيل.وإذا كانت فكرة الدولتين كنتيجة هي ما يدور برأس شارون فإن ذلك يشير إلى السلام، فلماذا إذا يلعب لعبة كسب الوقت..؟ ليس السبب في ذلك هو أن الوقت الذي يكسبه يقوي قبضته فقط على بلوكات المستوطنات. فالأهم هو أن الوقت الذي يشتريه شارون ويراهن عليه من خلال خطته سوف يسمح لاتجاه آخر ديمغرافي بالتقدم وتحديداً، تغيير داخلي أردني ديمغرافي بين الفلسطينيين والأردنيين Transjordanians  فاللاجئون الفلسطينيون المقيمون في الأردن يشكلون الأغلبية، ولكن تقسيم الأردن من قبل النظام الهاشمي إلى وحدات سياسية ضمن أن لا يكونوا ممثلين تمثيلا حقيقيا في التشريعات. زيادة على ذلك فإن الشرق أردنيين Transjordanians يواصلون التحكم في مقاليد مؤسسات المملكة، وخاصة أجهزة الأمن. وهذا الميزان ممكن أن يتغير، خاصة إذا ما تم الضغط على الأردن للأخذ بحكم الأغلبية الديمقراطية مثلما قد يفكر أحد ما بعبارة بوش "التحول" الذي يتضمنه الشرق الأوسط. وفي مثل هذا السيناريو فإن المنطقة قد تصبح بيتاً لإثنين هما "الوجود الفلسطيني" دولة محدودة على ما تبقى من الضفة الغربية والأردن، فمع اقتطاع الفلسطينيين من إسرائيل من خلال جدار الفصل، فإنه ليس أمام الفلسطينيين غير النظر إلى الأردن باعتباره موئلاً ثقافيا واقتصاديا لهم. في مثل هذا التطور من المحتمل أن يرى شارون انهيار الدولتين في كينونة entity واحدة. والناجم عن ذلك لا يتطلب بالضرورة القوة أو التورط الإسرائيلي المباشر.تطور واحد قد يمكن شارون من دفع استحقاقاته مقدماً هو أن تبرز حركات Irredentist movements  في الحكومتين تدعو لعلاقةassociation طوعية مبنية على إرادة الشعبين. الحساسيات الأردنية العالية ومصالح الولايات المتحدة الحالية تمنع شارون من مناقشة هذا الموضوع بالصراحة التي يستخدمها في مناقشة مستوطنات الضفة الغربية.ومن أجل أن تصبح عمان "القدس الجديدة" سوف تحتاج إسرائيل لربط المنطقتين ببعضهما البعض للتخلي عن وادي نهر الأردن، الذي كان ينظر إليه باعتباره تهديدا حيويا لإسرائيل ـ نظرا لمتاخمته لإسرائيل وللضفة الغربية ـ باعتبار أن هذا التخلي أصبح مصلحة إسرائيلية. حيث لم يعد هنالك جيشاً عراقياً ليعبر الأردن في المدى المنظور. وسوف تساعد مغادرة إسرائيل لوادي الأردن في جهود إسرائيل لتأمين الأرضية الأخلاقية، وفي تخفيف المخاوف الديمغرافية بإعطائها لفلسطينيي الضفة الغربية المجال  باتجاه الشرق للتمدد السكاني. وفي سياق خطته للانفصال أوضح شارون أن على الفلسطينيين أن يبحثوا عن مصالحهم الاقتصادية في الأردن وفي مصر.وحقيقة أن لا يكون هنالك على الأرجح حاجز فاصل شرقي بين وادي نهر الأردن ومرتفعات وسط الضفة الغربية تلقي بثقلها على فكرة أن شارون سوف يتخلى عن أجزاء من وادي نهر الأردن.

في الجوهر، يقترح أرئيل شارون لعبة انتظار غير معلنة مع الأردن. فهو يفترض أن انسحابا إسرائيليا سوف يضع إسرائيل في موقع نقطة الجذب تجاه مثل هكذا لعبة، يكون فيها اعتماد الأردن على المعونة الاقتصادية من المجتمع الدولي قد شكل عدم حصانة له. بل ويذهب إلى أبعد من ذلك في افتراضه أن الحل الوطني للفلسطينيين وللأردنيين أضعف من مثيله لدى الشعب اليهودي. والافتراض الأخير قد يبدو بعض الشيء ساذجاً. فالوطنيون الأردنيون مصممون على المحافظة على هوية مميزة وهم يقومون بذلك بفعالية منذ عام 1988، وبالمثل يواصل الفلسطينيون تمسكهم بدولتينوبالدولة الفلسطينية.إن الافتراضات المضللة حول خصومك إنما هي خلل متأصل في الألاعيب من جانب واحد، كما يشهد عليها ف.دبليو. دي كليرك. فالتحول الذي يتم عن قصد قد يستغرق حياة كاملة له. لقد كتب المثقف الفلسطيني سالم تماري قبل الانتفاضة الحالية مقترحا ببصيرة نافذة أن"الظروف الناجمة عن دولة مجتزأة سوف تجبر أيضاً الفلسطينيين على إعادة التفكير في خصمهم الثقافي". ونجعلهم جراء فكرة ثنائية القومية "على علاقة أعظم ومتزايدة مع الفلسطينيين في الأردن مقارنة بعلاقتهم مع الفلسطينيين  في إسرائيل".ويثير تماري هنا مسألة تحريضية.والمفارقة هنا أنها في مسار ثنائية القومية ـ التي تركز على إسرائيل ـ فلسطين وليس الأردن ـ قد تخدم عن غير قصد برنامج شارون. من ناحية أخرى فهي تقوض هيمنة حل الدولتين كما يفهمها اليسار الصهيوني والفلسطينيين وكثير من المجتمع الدولي. وزيادة على ذلك فإن نقاشاً تقدمي الوجهة حول ثنائية القومية الإسرائيلية ـ الفلسطينية يخلق فراغاً هاماً في اعتبار الخيار البديل ثنائية قومية.فقد يكون من الأسهل السير قدما في خلق إجماع داخلي إسرائيلي حول مثل هذا البرنامج. فاليسار الصهيوني يدعم تقليديا هذا الموقف. في آذار/مارس 1990 لام شمعون بيريس الليكود على جهوده في أن الخيار الأردني سوف "يفتح الباب أمام الفلسطينيين وأمام منظمة التحرير الفلسطينية وعرفات". وبالنسبة لرغبات بيريس الذي يشكل حل الدولتين بالنسبة له نهاية المطاف، ويؤمن أغلبية ديمقراطية يهودية في إسرائيل، فإنه رغم ذلك لا يمثل مشكلة بالنسبة له أن تنعكس الآية 180 درجة. وفي اليمين فإن عناصر الحركة الاستيطانية ودعم الليكود  يشكل جانباً آخر من الفكرة. وعندما يحين الوقت فإن كينونة فلسطينية محدودة مرتبطة بالأردن قد تصبح بسهولة إعادة تغليف لما هو امتداد طبيعي لخطة رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن التي تقضي بمنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً واسعاًَ في المسائل المدنية، ومع ذلك يترك لإسرائيل السيطرة على الضفة الغربية وغزة. إن إعادة صياغة دولة فلسطينية وبالتالي اتحاد فلسطيني ـ أردني قد يبزغ للوجود باعتباره القاسم المشترك للحركة الصهيونية

Guest Book دفتر الزوار

 

1.              هل كشفت هآرتس عن عملائها في الأردن ? بقلم:تيسير نظمي

2.              ناجي العلي...خارج النسق.. داخل الالتزام بقلم:تيسير نظمي

       محنة الغراب بقلم:تيسير نظمي

3.              صيف ساخن وطويل من المواجهة مع إيران ترجمة: تيسير نظمي

4.              ابن الحداد يعيد طهران إلى إيران الثورة بقلم: تيسير نظمي

5.             شاعر القصة القصيرة المبدع تيسير نظمي في لقاء معه حول الكتاب الخامس

1.              النهر تائهاً عن مجراه بقلم:تيسير نظمي

2.              شعرها طويل حتى الفجر بقلم: تيسير نظمي

3.              شعرها طويل حتى بابل بقلم: تيسير نظمي

4.              النمور في اليوم الـ23 تشرب ماء العدس بقلم:تيسير نظمي

5.             أصابع منتصف الليل بقلم:تيسير نظمي

6.              سيدة الكون بقلم:تيسير نظمي

7.             مناقيش بعيدة بقلم: تيسير نظمي

1.         حمارنا لا يرغب حمارتكم بقلم:تيسير نظمي

2.              ظاهرة الأدب الفلسطيني الفصائلي المسلح وسلبياتها ..تيسير نظمي

3.              تيسير نظمي كان يتمنى لو أنه إدغار ألن بو أو فرانز كافكا بقلم:عبد الستار ناصر

4.              تيسير نظمي:قصصي أطول عمراً من عمر الحكومات العربية

5.              مجرد تأخير بقلم:تيسير نظمي

6.              مهرجان أيام عمان المسرحية الحادي عشر: 12 يوماً و12 عرضاَ و9 أفلام

7.             أمير التورية و غواص الأعماق ..تيسير نظمي بقلم:نزار ب. الزين

1.             أمير التورية و غواص الأعماق ..تيسير نظمي بقلم:نزار ب. الزين

2.              ثلاث قصائد عن الوقت والمرأة والطريق ..تيسير نظمي

3.              نورما خوري رمت حجراً في مياه راكدة بقلم:تيسير نظمي

4.              شهادة بالصوت المسموع بقلم:تيسير نظمي

5.              فكرة و سكّيران و باب بقلم: تيسير نظمي

6.             حرب وبحر و بلور بقلم: تيسير نظمي

1.              بيت الذبابة بقلم : تيسير نظمي

2.              ما رأته الفراشة بقلم:تيسير نظمي

3.              الجنرال بقلم: تيسير نظمي

4.              بلدي تسكن آخر النمور بقلم: تيسير نظمي

5.              وزراء شيوعيون سابقون في حفلة خمسة نجوم بقلم:تيسير نظمي

6.              أبطال غير بشريين في قصص دنيا الوطن بقلم : زكي العيلة

1.              شقير وشكيرة والواقعية التلفزيونية بعد فرانكفورت بقلم: تيسير نظمي

2.              بعد عزلة 22 عاماً تيسير نظمي يفاجئنا بوليمة وحرير وعش عصافير

3.              كاتب المهمة الصعبة يجعلها ولا أسهل بقلم: تيسير نظمي

4.              خطوط التلاقي والافتراق في قراءة نقدية لمحمود درويش بقلم: تيسير نظمي

5.              بن جلون يكتب عن سيرك العرب في فرانكفورت ! بقلم : تيسير نظمي

6.             براءة (أفق 6) من (تجمع الفشل)بقلم : تيسير نظمي

 

ناصر السعيد:

 

 

 

 

داخلا إلى عزلته صحفي من رام الله يحاور تيسير نظمي

تاريخ النشر : 2009-02-17

القراءة : 1256

عمان-حركة إبداع

بعد غياب تسع سنوات عن الساحة الأردنية قضاها بين القدس ورام الله وحيفا عاد الصحفي مهيب البرغوثي إلى عمان وأول المخضرمين الذين قابلهم الكاتب والصحفي والمترجم تيسير نظمي الذي يفرض حول نفسه عزلة عن الفعاليات الثقافية الأردنية وصحافتها رغم عضويته في رابطة الكتاب الأردنيين ورابطة نقاد الأدب الدولية والاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين واتحاد الكتاب العرب. اللقاء التالي جزء من لقاء مطول أجراه البرغوثي مع واحد من أهم النقاد العرب ورائد من الرواد الأوائل للقصة العربية الفلسطينية وروائي وشاعر ترفض المؤسسات الأردنية التعامل معه حكومية أم أهلية بسبب من السقف العالي الذي لم يرتض نظمي أقل منه في قول كلمته:

- هل صحيح ما نقله لنا الكاتب وليد أبو بكر أنك ستنتقل لرام الله قريبا ؟

- أسمع بذلك منك لأول مرة وأسألك أنت هل صحيح ؟

- في آخر زيارة لوليد أبو بكر للأردن قال لنا في رام الله أنهم يجهزون لذلك، فما هو تفسيرك؟

- ليست المرة الأولى التي تمارس فيها عمان ضغطا على السلطة باستيعابي، يريدون التخلص مني بأية وسيلة، هذا أعرفه جيدا منذ أن دبروا لي عملا مع الدكتور محمد المسفر في الراية القطرية، ومنذ نصحوا المتوكل طه بأخذ صورة عن جواز السفر لإبعادي إلى الضفة الغربية منذ أواسط التسعينيات، وفي آخر زيارة للمتوكل طه قبل نحو شهرين أثناء انعقاد المؤتمر الاستثنائي لاتحاد الكتاب العرب قالوها علنا حفارو القبور في وزارة الثقافة الأردنية للمتوكل جهارا وأمامي وبصيغة المزاح لكنهم جادون والأمر ليس بمزحة عابرة.

- ما هي الأسباب؟

- لماذا تسألني أنا ؟ وجه السؤال لمن يدعون أنهم كتابا ومثقفين وسياسيين ونقابيين ووجودي في الأردن وفي عمان تحديدا يضايق طموحاتهم.

- هل صحيح أن موقعك الشخصي ممنوع الدخول إليه من حواسيب وزارة التربية الرائدة في التحديث والحوسبة؟

- نعم صحيح فقد أوكلوا الأمر لشركة أجنبية صنفت الموقع على أنه لناشط سياسي وهو محظور فعلا منذ أن وجهت لي الدعوة لحضور مؤتمر رابطة نقاد الأدب الدولية في مدينة تورز الفرنسية قبل سنتين تقريبا.

- هل ينشر موقعك مقالات ممنوعة من النشر في الأردن؟

- أحب أن ألفت نظرك أنه ليس موقعي بقدر ما هو موقع أفكار وتوجهات حركة إبداع. ولقد نشر فعلا ما لا تريد الحكومات الأردنية غير المنتخبة نشره.

- هل من أمثلة؟

- مشروع شارون كما كتبه غاري سوسمان ، ولقاء مجلة فصلية أميركية مع الملك عبدالله ، وربما مقالاتي غير المنشورة في الصحف الأردنية وكتبي التي لم تحظ بموافقة جهات تدعي دعم الثقافة والإبداع مثل الوزارة وأمانة عمان علاوة على كتاب إسرائيل شاحاك " وطأة ثلاثة آلاف عام " وكون موقع حركة إبداع أيضا اهتم بحركة حماس لدى فوزها بالانتخابات التشريعية الفلسطينية. وهكذا وما لا أستطيع سرده من محتويات الموقع من أبرزها المذكرة الأميركية التي تطالب الأردن بإصلاحات ديمقراطية من 22 بندا ، ربما فسرت على أنها تدعو للتهيئة للوطن البديل رغم أن الحكومة قبضت نصف مليار من أجل أو بحجة السعي لتنفيذها لأن الكونجرس الأميركي طالب بها كشرط من شروط تقديم المعونة الأميركية للأردن.

- لماذا لا تستجيب السلطة في رام الله لهذه الضغوط لإبعادك من الأردن إليها بحجة عودتك للضفة مسقط رأسك؟

- رجالات السلطة سواء في الداخل إو في الخارج لديهم معلومات قديمة عني وعن توجهاتي وبالتالي فأنا في نظرهم أردني وليس فلسطينيا فلماذا يجلبون لأنفسهم المتاعب.

- أية متاعب؟

- متاعب الثقافة ، ثقافة الثورة الدائمة والتغيير والمحاسبة ومكافحة الفساد.

- هل من أمثلة؟

- أنا من المطالبين بعودة يهود صفد لصفد فهنالك يهود فلسطينيون وقفوا ضد روتشيلد اليهودي الفرنسي صاحب رأس المال الذي شجع مشاريع الهجرة في وقت مبكر لفلسطين على حساب يهود فلسطين حيث تمت عملية تشتيتهم داخل اسرائيل منذ قيامها مثلما جرى أيضا مع مجموعة ناطوري كارتا اليهودية التي لا تؤمن بقيام دولة لليهود. مثل هذه المعلومات تعتبر ضمن مقاييس التخلف الذي يعاد انتاجه هنا بصيغ وطنية تطبيعا لدرجة لم نعد نفهم ما هو المقصود بالتطبيع. إذا كانت هنالك منظمات أنجزة NGO

فهنالك أنظمة أنجزة تمول علنا من الكونجرس الأميركي .

- بمناسبة ذكرك للتمويل الأجنبي ماهي علاقتك حاليا بمهرجان أيام عمان المسرحية ؟

- جيدة جدا بعد أن تكشف لحركتنا الانتهازيون المنشقون وعلاقتهم بالسفارة الاسرائيلية ، ثم أن نادر عمران خليلي ونصف سيلة الظهر أصولهم من الخليل.

- أقصد هل لا زلت تشكل مشكلة للمهرجان ببعض نقاط الاختلاف معه حول بعض العروض؟

- من الطبيعي الاختلاف وليس التطابق التام بين ناقد وسياسي وبين مخرج وإداري وعموما أنا أكبرسنا من نادر بنحو ثلاث سنوات وأنا الذي يغفر لغيره أخطاءهم الفنية وحتى السياسية لكننا نبحث حاليا صيغة للتعامل بيننا ربما تكون توأمة بين الفوانيس وحركة إبداع كوننا نولي الجانب النظري والإعلامي والنقدي أهمية قصوى في التجسير والتقارب بين الثقافات والشعوب والأديان ولكن بين الطبقات غير ممكن التجسير في الوطن العربي لأننا ليس لدينا بورجوازيات أصيلة تحترم نفسها كما أوروبا والغرب عموما. أصحاب الثروة في الأردن لا تهمهم الفنون ولا يفهمون بها ولا يهمهم المسرح بقدر حساباتهم في البنوك.

- ماذا عن إعادة الهيكلة في الفوانيس ؟

- طالب بها عشرون فانوسا ثم وجدوا صيغة ترضي معظمهم بانتخاب هيئة إدارية جديدة نحن في حركة إبداع كنا نطمح بعودة الجميع لكن وقد عاد من عاد وخرج من خرج فمن واجبنا أن نكمل المسيرة بصيغ الحد الأدنى بحيث نبقى أصدقاء وأقوياء في وجه من يرتدي أقنعة وطنية ليبقي على ملامحنا نحن غارقة في البؤس.

- لم أفهم قصدك هنا.

- ولا أنا (يقهقه كالعادة)

- هل صحيح أن فرقة الفوانيس قدمت شكوى لوزارة الثقافة بقيت في الأدراج ؟

- تقصد على مسرح البلد ؟

- نعم

- يجيبك نادر عمران أفضل حتى تظل حركة إبداع تمتلك حرية الحركة بين الأطراف أو...

- أكمل

- والاتكال على الله مكافحة الفساد

- هل سيكون مصير حركة إبداع التمويل الأجنبي ؟

- ربما ما دام الجميع يحاربنا حتى في لقمة عيش أولادنا وما دامت الأجيال الجديدة تبحث تائهة بين من يحقق لها طموحاتها.

- هل تقصد أن حركة إبداع تتشكل من جيل الرواد حتى الآن؟

- علاقات الحركة الداخلية سرية لأننا من مختلف الديانات والأصول والمنابت والبلدان وبين صفوفنا من لا يحبذون الإعلان عن ولائهم لمستقبل الحركة ومن ضمنهم أقارب لي يتواجدون في أميركا والأردن وفلسطين.

- أنا ليس لدي مانع أن أكون في حركة إبداع

- فلتدفع لنا معونة رمزية (يضحك بحزن

- متى أعلنتم الخطوط العريضة لتوجهات الحركة ؟

- في مؤتمر للمنظمات اليهودية في أميركا وقد جرى تصنيف الحركة آنذاك على أنها من المنظمات غير الحكومية التي ليس مقرها الولايات المتحدة وحدها ضمن منظمات تمت دعوتها واستجابت.

- هل تذكر التاريخ تحديدا متى؟

- حركة إبداع جرى الإعلان عنها في أول صدور لجريدة العرب اليوم الأردنية لكن فكرتها كانت قبل ذلك بكثير منذ أواخر السبعينيات في الكويت ولها علاقة بمشكلات اختلاط الحابل بالنابل في صفوف اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.

- ماذا تقصد ؟

- الخطاب الثقافي الفلسطيني المغاير الذي عبرت عنه يعود لمعايشة مبكرة لحرب 67 ونتائجها وهذا ما جعلني غريبا حتى عن أهلي الفلاحين البسطاء والعمال الأنقياء.

- هنالك حركة فتح ومن ثم حركة حماس وقبل ذلك بكثير حركة القوميين العرب فما هو الفهم الثقافي لحركة إبداع وسط هذه الحركات السياسية وما أكثرها؟

- حركية الإبداع عنوان لكتاب خالدة سعيد (زوجة أدونيس) وهو كتاب جيد في حينه. فهمنا نحن ليس فهما سياسيا للحركة. ولا هو مفهوم ديني في الحركة بركة. الحركة لدينا تربط بين الأصالة والحداثة وتؤمن بالتعددية والتعايش والبقاء للاستمرارية وديالكتيك الحياة ذاتها. نؤمن جدا بأهمية الجانب المعرفي لأية مشكلة من جذورها حتى نهاياتها. الوطن العربي غارق بالظلام والديجور والحمد لله. عندما خرجت حماس قلت أن مستقبلها هو فتح ولا زلت مؤمنا بذلك. الفكر الديني تشجعه أميركا منذ القدم وتعمل بغيره. آليات الامبريالية قائمة على النهب المستمر للطبيعة والبشر وبعد كل الموبقات التي ترتكبها تريد من الخالق أن يتدبر لها جنة الخلود أيضا بعد رحيلها. خذ مثلا ستالين وتروتسكي في التاريخ الحديث كمثال على الجانب المعرفي. كاتب الثورة الدائمة لو اتعظ ستالين بأفكاره لما كانت هنالك نازية هتلر ولا الحرب العالمية الثانية وربما لما وجدت إسرائيل.

- هل صحيح أن حركة إبداع تروتسكية التوجه؟

- بل أكيد مع تعديل التوجه لنزعة حتى الآن لأن بعض الأصدقاء لديهم تحفظات على هذه المسألة حيث يوجد على سبيل المثال حزبان في فرنسا يدعيان التروتسكية ونحن لسنا حزبا سياسيا. نحن مجموعة مبدعين ومفكرين ومثقفين لنا دور تنويري حتى الآن ونتفهم طبيعة المرحلة كما نتفهم التاريخ بعمق وشفافية إنسانية عالية.

- هل صحيح أن الدومين لموقعكم اختصار للحركة الوطنية لمناهضة الصهيونية العالمية؟

- لا أستطيع الآن أن أجزم بذلك لأننا نؤمن أن الصهيونية حركة قومية ودينية في الوقت نفسه تنتعش كلما انتعشت الحركات القومية المناهضة لها ونحن لسنا حركة قومية وإلا لوجدتنا مقاولين وتجارا غير مثقفين ولا مبدعين ، عاموس عوز في بعض أعماله تجاوز الصهيونية لأفق عالمي وإنساني رحب وفي بعض أعماله صهيوني حتى العمى. التطور الواقعي سينير له الطريق من بشريته لا من تعصبه لجنس بشري خاص أو دين محدد بعينه.

- لمن تقرأ من الكتاب الإسرائيليين ؟

- عميرة هاس وعاموس عوز ويوري أفنيري وإيلان بابيه وحتى بيني موريس ومن نافل القول الكتاب الكبار مثل يزهار سميلانسكي الذي أحترمه جدا وآخرين لكن ليس لدي ممكنات متابعة شعراء مهمين لا تسعفني الذاكرة بدقة أسمائهم. فوق كل ذلك قبل وبعد الرائع إسرائيل شاحاك.

- بماذا توصي أخيرا؟

- بدفني في سيلة الظهر أكرر وبلمسة تسامح من إلزا التي لم أستطع أن أوفي بواجبي نحوها كأب في الأردن الشقيق. إبنتي المحروم منها ومن مشاهدتها لكثرة ما لدينا من نسخ ستالينية من الرجال والنساء والمؤسسات أهلية كانت أم حكومية فالتخلف سيد زماننا في هذا الشرق أوسط.

Guest Book دفتر الزوار

 

©2024 Nazmius Group & Originality Movement تيسير نظمي