مرام المصري تكتب شعراً أنثويا جامحاً
*يخيل للسيف أنه من أصابع الرجال
* سينام العنكبوت بين خيطانه مصائر الفراشات الضالة.. سيتغذّى بجهلها
*أنا سارقة السكاكر
أمام دكانك
دبقت أصابعي
ولم أنجح بوضع
واحدة في فمي
تعيش وتكتب في ظل ثقافة تقوم على التحريم. فمرام المصري تتناول في مشروعها الشعري وجود وأحاسيس الأنثى في عالم ذكوري يطعن بسويتها الإنسانية. ومعروف عنها تصديها الشعري للتابو. ولا فكرة تحول دون تحقيق مرام لرغباتها الشعرية، حتى المتحفظ عليها من التحريم. نشرت ديوانها الأوّل «أنذرتك بحمامة بيضاء» بالاشتراك مع منذر المصري ومحمّد سيدة عام 1984. ثمّ نشرت ديوانها الثاني «كرزة حمراء على بلاط أبيض» في تونس عام1997 وحازت عام 1998 على جائزة «أدونيس» التي منحها المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا حيث تقيم الآن.تقول:أحب المتنبي وأبا فراس الحمداني، وجبران خليل جبران، وكل الأصوات الشعرية الحديثة وأستمتع بقراءة الروايات الطويلة.لاأحب الأشياء الجدية، ذلك أن العالم مثقل بالجد، من حروب ودماء وآلام تندمل، اختارني الشعر، وأحب الخفة وأنا أقول عن الألم، ولا أحب العويل.القصيدة النثرية هي لغة العصر . نحن نعيش عصر الكمبيوتر، عصر الاختزال.بدأت أطلع علي الشعر الفرنسي حديثاً، وكذلك الأغاني الفرنسية والإنجليزية، ثم القصيدة المترجمة عن اللغتين الصينية والهندية. اللاذقية لم تعد لاذقيتي، تغيرت كثيراً ،الشاطئ، المقاهي، تغيرت المدينة كلها، لم يبق سوى أهلي، وهؤلاء فقط الذين يفرضون على أن احلم بالعودة إليها. باريس مدينة أحبها كثيراً حققت فيها التوازن النفسي، تبهرني بجمالها، بتاريخها، والفرنسيون يوجد لديهم بيوت منذ قرون لأنهم يهتمون بها، أما عندنا فإن الدهان يصدأ، والبناية تصبح مثل امرأة عجوز أو مومياء قد تقع على أهلها، لايوجد عندنا اهتمام بالجمال، ونظرتنا للجمال سطحية، ولايوجد تنظيم هندسي للمدينة.(قصائدك تشبه قصائد الشاعرة الأمريكية اميلي ديكنسون)تشبيه يفرحني في بعض الجوانب مثل الكتابة عن الوحدة، العذاب الذاتي، عن الآخر، الغائب الميت، وأنا أشبهها في الأسلوب، والخفة، والاختزال. منذ طفولتي وجدت نفسي قصيدة في ديوان شعر اخي منذر والأخير كان يعاملني كعصافير الدوري التي كان يقتنيها ومثل أشيائه الأخرى الزهور ودواوين الشعراء وقصائده وهو الذي دعاني الى هذا الشرك الجميل فقد اشركني في القصيدة واصدرنا الديوان الاول معاً ولكني استطعت فيما بعد ان اغرد بعيداً عنه لقد رقصت لوحدي.ـ أنظر للشعر تدويناً، فكل شيء متاح بالكون وما نحن الا ناقلون له وعلى وجه الدقة انا اعتبر نفسي وسيطاً ومعبراً والشعر هنا يستعملني او يستعمل حواسي ويدخل الكائن الموجود فيّ ليعبر الى فضاء العالم. حريصة على اقامة علاقات مع الكتاب العرب المقيمين في فرنسا مثل صلاح ستيته وغيره.أنا معنية بترجمة المخبوء من الأشياء والتي تؤلف باتحادها مع الاشياء الاخرى حلاوة الحياة ووهجها فتخرج القصائد بحسب وجهة نظري ملونة أو فسيفسائية كما أنني معنية بتحويل الحدث الدراماتيكي اليومي الى شيء كبير والشعر اراه مثل قصب «قنب» أشد عليه بأظافري واسناني كي يدخل من اصغر الثقوب والشعر هو زبدة الكلمات والخلاصة التي تبرأت من اية تشطيبات او اضافة زائدة.ـ قمت بترجمة العديد من المقالات القصيرة عن الفرنسية، كما شاركت ضمن فريق في مهرجان اقيم في اسبانيا لترجمة عدد من القصائد العالمية مثل: تمجيد ذكريات مستحيلة لبورخيس «ومطر وضباب». لبودلير.
من كتاب (أنظرُ إليك)
3
لرمانة
المحتفظة بأسرار
لآلئها
لا تزال تنتظر
أن تخلعَ
قشرتها اللامعة..
العطشُ موعودٌ
بسائل
طيّب..
4
أستطيع أن أميزها
من بين كل
القبلات
تلك التي تطبعها الرغبة.
أستطيع أن أعرفها
من كل
الرغبات
تلك
التي يؤججها
الحُب.
5
أيُّ
جُرم جميل
اقترفتُ؟
تمتعتُ
بجسد
أهداني
نهرا مسكرا
وانتفاضة حياة..
8
قالت: نعم
التهمتهُ
كنت جائعة
كرجل..
وكرجل
طرحته رغبتي
مزدهرة بذكورتها..
9
أعدو أركضُ أتمهلُ أصعدُ أهبطُ
أدنو أبتعدُ أصرخُ
أئنُ ألهثُ أصمتُ أضيعُ أتواجدُ أعصفُ أمطرُ
أبكي أضحَكُ..
امرأة في عرس شهوتها
تضج بملائكة رجُل..
10
كفقير يأكل
حتى التخمة
خوفا من يوم
لا طعام فيه
أنظر إليكَ
في حُضني..
15
ستسكنكَ
رائحتي
وعندما ستتعرى
ستعبق
متهمة إياك
بخيانتي.
20
أعرفُ انه
لم يكن عليّ
أن أدعه
يكشف عن نهدي
كنت أريد
فقط
أن أريه
أني امرأة..
اعرف انه
لم يكن عليّ
أن أتركه يتعرى
كان
يريد
أن يريني أنه
رجل
فقط..
---------
يَحلقُ عن وجههِ خطوطَ
الليل.
ويستعيدُ من بين السيقانِ
مفكرتهُ.
يتخبطُ في الصالون وحيداً..
مرآةً فقدت نظرها.
يندّسُ وحشاً في الألبوم السرّي،
محطماً درّاجتهُ في خندق
المهمل.
**
*«ماذا يفعل جواد / بعنق جميل / مكسور؟ كان مختفياً / عندما فجأة / عاد واحتلّ غرفة الجلوس..
*صعد من القبو / تمدّد على الأريكة / غير محطّة التلفزيون غير محطّة الراديو / ثمّ راح يتمشّى بسرواله الداخليّ / كأنه في بيته / تعرّى.. ولم تكن ترى / سوى / رجل نسيته.»
*«ماذا سيفعلون بأشيائي / بخواتمي التي ورثتها عن أمّي / عندما سيخطفني عريسي الأخير؟ ماذا سيفعل / الذين لا يفقهون لغتي / بكلّ الذكريات / والوعود / المنثورة في الرسائل؟ ماذا سيفعلون بأحلامي / بجثث أوهامي / وبأسراري / المخبأة في جيوب منزلي؟! لن أنسى أن أوصيهم / أن يوسّدوني الرسائل والصور / فأنا أخاف العتمة..»
التاريخ : 14/07/2005
رقم العدد :78
في الانتظار : من دهشة الشعر إلى القصيدة
تيسير نظمي
صيف عام 1996 كنت في مهرجان المحبة في اللاذقية، وكانت الصحفية سعاد زاهر من جريدة «الثورة» السورية تنتظر دورها في عمل لقاء مع الشاعر العراقي الراحل عبد الوهاب البياتي. سألتني وهي جالسة الى جانب «ابو علي» والبحر من ورائهم! «هل حضرتك شاعر» فضحكت من السؤال وعيني تلمحان بحر حيفا والكرمل وغزة وطرطوس من ورائهم. قلت بحزم «لا» وأوضحت: انني اسكن في الشعر فكيف اغادره كي أكتب عنه. كانت سعاد ابنة اللاذقية ذات وعي حاد ورقيقة في الوقت نفسه. وقررت أن لا تنجز اللقاء من هول الاجابة ومن قناعتها بالتوضيح، فدعوتها مع الزميل محمود بغدادي لحفل غداء لم، يتم اقامه لي الصديق نبيل سليمان - من اللاذقية ايضا - ولم أكن آنذاك تعرفت الى منذريوس.وقبل ثلاث سنوات كنت في مهرجان جرش - عادة لازمتني منذ استرداد بعض عقلي - ولم أكن مضطرا للتمييز بين الحضور المدعوين من خارج الحدود الأردنية والضالين ممن هم داخلها، فلفتت نظري امرأة بالغة الحضور، حالما رأيتها قادمة لمتابعة الأماسي «الشعرية» اعترضتها جادا ولا مداعبا وسألتها: هل انت شاعرة أم انك القصيدة ذاتها؟ وكان السؤال بالنسبة لها مفاجئا ومدهشا. ترددت قبل ان تقول: انا الشاعرة مرام المصري. وابتسمت، لأعرف فيما بعد انها القت قراءتها في اليوم السابق ولم أكن حاضرا.تطورت خلال وجود الشاعر سميح القاسم، تلك العلاقة وتحولت الدهشة الأولى بالقصيدة مرام الى مداعبة ومعرفة بالشاعرة والمترجمة والأم لابن كان حاضرا معها ولا يجيد العربية لأنه ووالدته مقيمان في باريس منذ عشرين سنة. مندوب جريدة «الزمان» لفت نظرها في لقاء معها الى ان هنالك من يسمونها القصيدة وليس الشاعرة ومذذاك شرع بعض الزملاء يطلقون عليها تلك التسمية. وفي العام الماضي فوجئت بمنذريوس في مهرجان جرش ايضا، فقال لي مختصرا التعريف بنفسه: شقيق مرام، فأدهشني مثلما أدهشتني مرام. فقد وصلت الى مرحلة من الصعب فيها على كتيبة من الشعراء أن يدهشونني. لكن منذر مصري ومرام المصري شاعران حقيقيان ومثقفان لديهما ما يقولانه. في عدد سابق قدمت هذه الصفحات تعريفا موجزا بالشاعر وفي هذا العدد تقدم تعريفا بالشاعرة من خلال قصائدها، ورغم أن مرام باريسية من اللاذقية إلا أنها لا تقل جرأة عن شاعرة اسبانية كانت هذه الصفحات قد قدمتها بقصائدها المترجمة للعربية وأقصد خوسيفا بارا راموس، التي أسميتها ايضا جوزيفا أو جوزفينا وراقت لها التسمية لاسباب لا تعلمها ولكنها اسباب شعرية ايضا.
From The Times August 28, 2004
A Red Cherry on a White-Tiled Floor by Haram Al-Massri
A bonfire of taboos reviewed by MICHAEL BINYON A RED CHERRY ON A WHITE-TILED FLOOR
By Haram Al-Massri
Bloodaxe, £8.95; 95pp
ISBN 1 85224 640 5
More than in many cultures, Arabic poetry is a public form of art. It is recited at state occasions, voices the aspirations and concerns of a society rather than of individuals, and, to a large extent still, is closely linked to music. The most celebrated singer in the Arab world, Kazim al-Saher, frequently uses the lyrics of the most celebrated modern poet, Nizar Qabbani, and much of the late Syrian poet’s work was written for al-Saher’s voice.
The link with music is all-important: Arabic, rich in sounds and vocabulary, lends itself to incantation. Indeed, one of the accomplishments essential for Muslim scholars is to learn how to chant the Koran correctly, with the most powerful intonations.
For this reason, Arabic poetry often sounds, to Western ears, declamatory, especially as the themes preoccupying today’s poets are largely political — overwhelmingly, the rage and bitterness felt over the loss of Palestine. The language is not the colloquial Arabic spoken in shops or on the street: modern poetry is a more formal tongue, stricter in its grammar, using words captivating in their rarity which hark back to classical Arabic.
Yet during the golden age of Abbasid rule in 10th-century Baghdad, lyrical poetry also achieved a sophistication and popularity that has left a powerful tradition. Love, as in all cultures, is an eternal theme; but, circumscribed by a strict religious code, reticence about sexual passion and the gulf in freedom between men and women, it has developed an artificial code of rarified, unattainable longing that resembles the courtly love poetry of the European Middle Ages.
To such a tradition, Maram al-Massri comes as a shock. She writes about all the taboo subjects — physical passion, faithlessness, adultery, loneliness, despair — with candour and intensity that would mark her out even to Westerners.
A Red Cherry on a White-Tiled Floor is a selection from two recent collections, in English with the Arabic on the facing page. The poems are short: encapsulating moments and bitter reflections, often in a simple word. The force, at least in Arabic, lies in the language, the choice of words and their juxtaposition. It depends little on rhyme or rhythm, so loses little in translation, especially one as accomplished as Khaled Mattawa’s.
Many are erotic: “He came to me/ disguised in the body of a man/ and I ignored him./ He said:/ Open up/ I am the holy spirit./ I feared disobeying him/ so I let him kiss me./ He uncovered/ my shy breasts/ with his gaze/ and turned me into/ a beautiful woman./ Then he blew his spirit into my body,/ rumbling thunder and lightning./ And I believed.”
Some are naively touching: “How foolish:/ Whenever my heart/ hears a knocking/ it opens its doors.” Others are wistful: “I apologise . . ./ Unaware,/ and unintentionally,/ my breezes/ shook your branches/ and dropped/ the only flower/ you’d ever bloomed.” Their subtlety lies in the barest of phrases, the lightest of suggestions, to convey fear, tenderness or disappointment.
Al-Massri recalls moments of violence and intensity in a clever mixture of dreaminess and half-light pierced by hard, precise detail. The lines sometimes suggest the old tradition: “I was on the straight/ path/ when you blocked my way./ I stumbled/ but I did not/ fall.” But elsewhere the modern world and contemporary imagery cut in: “A wife returns/ with the scent of a man/ to her home./ She washes,/ she puts on perfume,/ but it remains pungent,/ the smell of regret.”
It is hard to see a wide embrace of her poems in the Arab world — certainly not in her native Syria, where reticence is stronger. Al-Massri has lived since 1982 in France, and her sensibility shows the clear influence. But it is the combination of her modern, feminine individuality and the older Arab tradition that is so striking and wrenching: “He taught her/ to open up/ like a pomegranate blossom,/ and to listen/ to the whispers of her body,/ and to scream out/ instead/ of muffling her sighs/ as she/ fell/ like a trembling leaf.”
نقد
لخّصت كتابات سيمون دوبوفوار بعض توجّهات الحركة النسوية على الصعيد الفرنسي، بتأثر كلّي بأفكار سارتر حول مركزية الذكورة ولكن كأيّ حركة ثورية سقطت هذه التوجّهات أسيرة لإيديولوجيا ذكورية مضللة، فمنذ دعوة عشتار لجلكامش، ورفض هذا الأخير لنداء اللذّة حرصاً على نظام المؤسسة الزوجية والإنجاب والتوريث، مروراً بعصرنا الحديث وتبوّؤ جملة من النساء مراكز قيادية كمارجريت تاتشر، وتانسو تشيللر وأرويو وغيرهنّ، اللاتي بحكم مناصبهنّ الخطيرة واظبن على ممارسة النظام المؤسسي نفسه. مرام تكتب بردّة فعل قوية.. ستكتب في أكثر القضايا حساسية، وكأنها امرأة من كوكب آخر جاءت لتحيي أهدافاً تخلّت عنها الحركة النسوية ذاتها بعدما تأكّد لها، أن ذلك الزمان القديم الموهوم ويوتبياه لن يأتيا، وإنها ورّطت نفسها في معركة خاسرة سلفاً، كان الثمن عبودية جديدة خسرت فيه جسدها ومستقبل أبنائها، بعدما ثبت لها أن النظام الجديد هو أكثر جحيمية لقضية المرأة الرئيسية، فماذا يمكن لشاعرة عربية أن تفعله في هذا الصدد؟ ولمن ستبيع بضاعتها؟ للشرق «المشرقن» على حدّ تعبير إدوارد سعيد، بمعنى إعادة إنتاج المفاهيم الاستشراقية عن مجتمع الحريم وتعدد الزوجات وغير ذلك؟انبنت نصوصها جميعاً على فكرة الحرية الجنسية والرغبة، ثم رفدتها بجملة من الحكايات الصغيرة عن أخلاق الذكور والعلاقات غير السويّة، لتصبّ جميعاً في ذات المجرى، وبدلاً من التخييل الخلاّق ستتجه النصوص إلى الإثارة الحسّية المباشرة، من خلال حياة السرير والرغبات الحميمة، في وجهة غنائية مستمدة من إرث النصّ الذكوري نفسه، حيث تضع الشاعرة نفسها في المركز.المجموعة تضمّ مئة مقطع شعريّ تتراوح في أطوالها، وقد سعت الشاعرة إلى ربطها ببعضها البعض من خلال وحدة الموضوع، وكأنها بذلك ترغب في تأليف كتاب شعريّ، أو في الحدّ الأدنى نصّ شعري طويل، ولكن هذه الرغبة ستخفق، لأن وحدة الموضوع هي جانب واحد من جوانب بناء القصيدة، وقد حاول شعراء كثر الدخول في مغامرة القصيدة الواحدة، أو الكتاب القصيدة، كما فعل أدونيس في «الكتاب»، وكذلك محمود درويش في «الجدارية»، وكانا يدركان جيداً أن القصيدة ما لم تأخذ أبعاداً ملحمية لن تحقق الهدف، بل ستكون عبئاً على الشاعر والقارئ، وذلك هو عين ما حصل لمرام المصري.
ادب مترجم
كرزة حمراء على بلاطة بيضاء .. الشاعرة مرام المصري .. شعلة ٌ تجوب المحرمات*
صباح محسن جاسم
19/03/2009
قراءات: 1536
ترجمة / صباح محسن جاسم
مرام المصري ابنة اللاذقية - سوريا ، تعيش كشاعرة وكاتبة سورية في فرنسا منذ عام 1982. نشرت لها ثلاث مجموعات في اللغة العربية. ترجمت قصائدها إلى العديد من اللغات ، منها ما صدر بكتب مترجمة إلى الفرنسية والأسبانية.شاعرة حب عربية معاصرة. تميل لكتابة غنائيات شعرية اغوائية قصيرة ذات وضوح مثير للدهشة وصدق ثاقب تلضمها سوية كما لآليء في سلسلة من قصة تفضي بمكنون صدرها بشعرية حب عربي متحدّر لتفضي به إلى اللغة اليومية فضلا عن صور ومجازات ومن ثم إعادة خلقها فيما تنهل ثمارها من الطفولة أو القرآن.مثلما في العديد من الثقافات ، يغدو الشعر العربي أحد الأشكال الفنية الشائعة. حيث يقرأ الشعر العربي في مناسبات رسمية وهو يهتم بالمجتمع أكثر مما للفرد وما يزال على نطاق واسع يرتبط بشكل وثيق بالموسيقى. غالبا ما ينهل من الشعر أشهر المطربين الغنائيين في العالم العربي ، مثل الفنان كاظم الساهر ، إذ يعتمد في غنائه المقطوعات الشعرية الغنائية للشاعر نزار قباني أحدث الشعراء المعاصرين، ولا سيما أشعار الشاعر السوري الأخيرة التي كتبت لصوت كاظم الساهر.إن صلة الشعر بالموسيقى تغدو جدُ مهمة. فالعربية بما تحوي من غنى في الأصوات والمفردات تعير نفسها للتعزيم أو التعويذ. في الواقع أن أحد الإنجازات الأساسية للعلماء المسلمين هو تعلّم كيفية تجويد القرآن بصورة سليمة وبالترانيم الأقوى.لهذا السبب يبدو الشعر العربي بالنسبة للأذن الغربية حماسيا من حيث المواضيع الرئيسة التي أخذت تنحى منحى سياسيا وبشكل سائد. شعراء اليومِ سياسيون بشكل كبير، لما شعروا به من الغضب والمرارة على ضياع فلسطين.فاللغة لَيست عاميةَ كتلك اللهجة المنطوقة في الدكاكينِ أَو على الشارع. الشعر حديث للسان أكثر رسميا ، أكثر صرامة في قواعدِه ، وهو استعمال آسر غالبا لكلمات نادرة تعود إلى اللغة العربية الكلاسيكية.رغم ذلك حقق الشعر الغنائي البغدادي ، أبان العصر الذهبي للحكم العباسي من القرن العاشر ، تطورا وشعبية ملحوظين مما ترك تراثا ذا شأن.الحب كما هو في كل الثقافات ، موضوع حيوي بثيمة خالدة على أنه قد قيّد برمز ديني صارم ، وتكتم وتقييد للعاطفة الجنسية وخلق هوة للحرية ما بين الرجال والنساء ، حيث ابتدع رمزا اصطناعيا مصدقا وشوقا مستحيل الإدراك يشبه إلى حد كبير شعر الحب المتودد في العصور الأوربية الوسطى. إلى مثل هذا التقليد كانت مرام المصري بمثابة الصدمة حيث تكتب عن كل ما هو محرم من المواضيع ، العاطفة الطبيعية والجحود والزنا والوحدة - بصدق وكثافة تبز فيها حتى الغربيين.جاءت مجموعتها الشعرية - كرزة حمراء على بلاطة بيضاء - مستقاة من مجموعتين حديثتين بشكل نصوص متقابلة بالعربية وترجمتها إلى الإنجليزية بقصائد قصيرة تكشف عن لحظات مكثفة مكتنزة الرؤى وبانعكاسات توحي بالمرارة والألم. فهي تعتمد في اختيار الكلمات وترتيبها بنسبة ما على القافية أو الإيقاع فلا تفقد شيئا عند ترجمتها كما هو الحال في قصائد المبدع خالد مطاوع.
الكثير من قصائدها ذو طابع جنسي :
جاءني متخفياً في جسد رجل
فلم آبَهْ به .
قال لي
افتحي
فأنا الروح القدس .
وخوفاً من المعصية
تركته يقبلني ،
عرّى
بنظراته
نهدي الخجولين،
حولني لامرأة جميلة.
ثم نفخ في جسدي روحه
هادراً
رعدا و صواعقَ
آمنت .
البعض الآخر من القصائد يعكس ما هو ساذج :
يا للغباء
قلبي في كل مرة يسمع نقراً
يَفْتَحْْ .
والبعض الآخر يكشف عن مكامن حزن وتأسي :
أنا أعتذر ،
لأني من حيث
لم أنتبه
هبت نسائمي
على أغصانك ،
فأوقعت
الزهرة الوحيدة التي
تبرعمت .
الدقة تكمن في عري العبارات وخفة في المقترحات تلك التي تحمل من الخوف أو الرقة أو الإحباط :
تستذكر الشاعرة المصري لحظات من العنف وكثافة في خليط ذكي من الحلم وتفاصيل دقيقة شبه مضاءة مخترقة على نحو قاس.
في أحايين تقترح الخطوط بذات التقليد القديم :
كنت أسير على الصراط
المستقيم
عندما اعترضت طريقي
اختل توازني
إلا أنني
لم أقع.
على أنها في أماكن أخرى تقاطع ذلك المنحى بما هو حديث ومعاصر من الصور:
امرأة تعود
برائحة رجل غريب
إلى دارها
تغتسل ،
تتعطر
تبقى فواحةً
رائحة الندم.
يغدو من الصعب أن تجد قصائدها ذلك الرواج والترحاب العريض في العالمِ العربيِ - بالتأكيد ولا في موطنها سوريا- حيث التقاليد الصارمة .تعيش الشاعرة مرام المصري منذ عام 1982 في فرنسا ، وحساسيتها تبدي تأثرا واضحا. على أن ذلك سوى ترابط ما بين أنوثتها وفردانيتها الحديثة وتلك التقاليد والأعراف العربية القديمة التي ما تزال تضرب وتشد سحْباً إلى وراء:
علمها أن
تتفتح
كزهرة رمّان حمراء ،
أن تنصت
لوشوشات جسدها
وأن تصرخ ،
بدل أن تَئِد آهاتها
وهي
تسقط
كورقة
Michael Benyoun عن مجلة التايمز اللندنية
* عن دار بلوديكس للنشر-2004
كتاب من القطع المتوسط بـ 96 صفحة بنصين متقابلين بالعربية والإنكليزية
ترجم النصوص إلى الإنكليزية خالد مطاوع
فاز كتابها بجائزة أدونيس لأفضل إبداع عربي لعام 1997 .
صباح محسن جاسم
|