19 شباط (فبراير) 2010
◘ المبحوح وحرمان الإسرائيلي من ازدواج الجنسية، د. عادل سمارة.
◘ تسلّل إسرائيلي إلى اللاوعي العربي، نجوان درويش.
◘ خطورة التطبيع "الأمازيغي" مع الصهيونية، عبد الله اوباري.
◘ ادعموا جهود مناهضة التطبيع في الاراضي المحتلة ـ التوقيع على عريضة: الأصل المقاومة وليس التفاوض.
المبحوح وحرمان الإسرائيلي من ازدواج الجنسية
هل يعلق الثلاثي العربي الجرس!
د. عادل سمارة
أصبح لافتاً أن أية جريمة يرتكبها الكيان الصهيوني ضد اي عربي وفي اي مكان من الوطن العربي تقود مباشرة إلى نقد تقصير وربما دور انظمة عربية، إن لم نقل جميعها! ويصبح نقد هذه الأنظمة ضرورياً أكثر من نقد الكيان نفسه. تحتاج الإجابة على هذا السؤال إلى مبحث في مجالين:
· الأول هو قراءة مناخ تشكيل الأنظمة القُطرية وتقاطعه وتزامنه مع وعد بلفور لإقامة الكيان، اقصد الجذر المشترك لكليهما في سايكس –بيكو
· والثاني: دور القطرية العربية في بناء الكيان الصهيوني بدءاً بالسماح ليهود عرب بالاستيطان في الكيان وصولاً إلى الاعتراف والتطبيع والمشاركة في الاغتيالات.
لن نعالج السؤالين هنا، ولا حتى ملابسات اغتيال الشهيد المبحوح. ما أقصده بالكلمات التالية هو الضغط، وإن كان بلا أمل كبير، على الثلاثي الخطر في الوطن العربي ليحدد موقفاً ويتخذ قراراً لاستثمار هذه الجريمة استثماراً سياسياً ثقافيا وإنسانياً. والثلاثي المقصود هو:
· الأنظمة القطرية بكل آليات عملها الداخلي القائمة على القمع وممارسة حرب أهلية على رعاياها الذين لم يتمتعوا بالمواطنة الحقة، ناهيك عن ارتباطاتها الخارجية.
· المثقفون العرب (والفلسطينيون طبعاً) الذي يعيشون من ويديرون ما تسمى منظمات حقوق الإنسان، والمجتمع المدني وتعليم الديمقراطية والنساء المجندرات...الخ إلى جانب عشرات آلاف رجال الأكاديميا العرب الذين يطبعون مع الكيان عبر مداخل عدة.
· وعرب وفلسطينيو منظمات الأنجزة الذين في الغالب عليهم ديون وإدانات كثيرة وليس لهم أرصدة!
اخترت هذا الثلاثي لأن ابوابه مفتوحة على الغرب والأمم المتحدة وما تسمى منظمات حقوق الإنسان ... الخ، وهذا بعكس المثقفين الثوريين المشتبكين ومنظمات المقاومة...الخ.
والمهمة المطلوبة إنسانية خالصة ومتواضعة وهي:
طالما أن الموساد ضالع، ولم يرتدع، في استخدام جوازات سفر غير إسرائيلية لأشخاص يحملون إلى جانبها جنسيات الكيان، وهذا يشكل خطراً على الأشخاص أنفسهم، واعتداء على سيادة بلدان الأصل لهؤلاء وسيادة بلدان مسرح الجرائم، وسابقة خطيرة في العلاقات الدولية يمكن أن تقود إلى اشتباكات دبلوماسية معقدة.
إذن، ولكي يقوم الثلاثي العربي المذكور أعلاه بخطوة واحدة مشتركة تخدم القضية والإنسانية معاً، أن يطلب على الأمم المتحدة اعتماد قرار حرمان من يحمل جنسية الكيان من جنسية بلده الأصل، أو أن يختار العودة إلى موطنه . وليس المقصود هنا قراراً كعقوبة وحسب، بل قراراً ثابتا ودائماً، وأن يطبق على اية دولة تقوم بنفس العمل. هل يتبنى الثلاثي العربي هذا القرار بحيث يفرض هو عقوبات على الدول التي تواصل السماح لمواطنيها بحمل الجنسية الإسرائيلية إلى جانب جنسية بلدهم الأصلي. تجدر الإشارة إلى أن عدد من يحملون جنسيات مزدوجة في الكيان أكثر بكثير من 350 ألفاً كرقم رسمي. فكل إسرائيلي لديه الإمكانات المالية يرسل زوجته كي تضع مولودها في وطنه الأصلي للحصول على الجنسية هناك.
وضمن هذا نكون قد أثبتنا لدى مختلف الأمم، أنه لا توجد اساساً جنسية إسرائيلية ولا أمة يهودية بل ديانة، وأن ما هو في فلسطين مثابة تجميع من أكثر من مئة قومية.
كما يتضمن هذا القرار فتح الفرصة لكل سكان الكيان، وهم جميعاً مستوطنون رغم تقادم الزمن باستثناء عرب فلسطين، أقصد فتح الفرصة لهم للعودة إلى مواطنهم الأصلية كما فعل كثير من اليهود والمسيحيين الروس، بل كما فعل 750,000 مستوطن غادروا الكيان منذ فرضه اغتصاباً على فلسطين.
هذا الاقتراح على أهميته يقطع الطريق على التلاعب والنفاق الدبلوماسي وخاصة الأوروبي حيال هذه الجريمة، ويقطع الطريق على القطريات العربية التي ستضخم عبارات الشجب من بعض رجال السياسة الأوروبيين لتمرير الجريمة باسرع وقت ممكن، ويحرج ويكشف المثقفين، الأكاديميين وجماعات ما سمى المجتمع المدني وحقوق الإنسان (رجالا ونساء) من العرب والفلسطينين المرتبطين ثقافيا وأكاديمياً وماليا بالغرب كمروجين لثقافته وبضائعه بتعددها.
تسلّل إسرائيلي إلى اللاوعي العربي
نجوان درويش ـ القدس المحتلّة
لا أحد يفهم ما الذي يجبر كتّاباً عرباً على الاحتفاء بتل أبيب؟ أو على الأقل ما الذي يجبرهم على المشاركة في كتاب يضع تل أبيب في جغرافيا المنطقة العربية ووجدانها، كأنّها شقيقة لبغداد وبيروت وعمّان واللاذقية؟ ربما لم يكن بعض هؤلاء الكتّاب المشاركين في الكتاب على علم بكل محتوياته ( (ننتظر منهم والحالة تبرؤهم السريع منه)، لكن لماذا ترتضي كاتبة لبنانية إعداد كتاب كهذا والترويج له في بريطانيا؟ «مدينة: قصص مدن من الشرق الأوسط» الذي أعدّته وقدّمت له جمانة حداد (صدر بالإنكليزية عن دار «كوما بريس») يشمل بحسب خبر وزّعته الشاعرة اللبنانية نصوصاً لكل من: جمال الغيطاني (قصّة الإسكندرية)، والياس فركوح (قصّة عمان)، ونبيل سليمان (قصّة اللاذقية)، وجمانة حداد (قصّة بيروت)، وفدوى القاسم (قصّة دبي)، وعلاء حليحل (قصّة عكا)، وحسن بلاسم (قصّة بغداد)، ويوسف المحيميد (قصّة الرياض)، ونديم غورسيل (قصّة اسطنبول)، و... يتسحاك لاؤور (قصة تل أبيب) الذي يصفه الخبر بـ«الكاتب التقدمي الإسرائيلي».
صحيح أنّ للشاعر لاؤور مواقف معروفة في «رفض الاحتلال» (رفض الاحتلال لدى «التقدميين الإسرائيليين» هو بالمناسبة غير «رفض الاحتلال» الذي نقصده نحن). لكنّ العجيب أنّ تقدّمية بعض الكتّاب الإسرائيليين أصبحت تُتخذ ذريعة لتمرير إسرائيل وإدخالها في الوعي العربي، كجزء طبيعي من المنطقة وتنوعها «الطبيعي». وبدلاً من أن يُستفاد من الومضات القليلة لـ«الوعي التقدمي» عند بعض الكتّاب الإسرائيليين، يُوضع هؤلاء في قنوات تصب في اتجاه معاكس لشعاراتهم المعلنة. من الممكن مثلاً، أن يُشرك لاؤور في كتاب يتحدث عن الاحتلال الإسرائيلي أو إرهاب الدولة العبرية، أو فاشية المجتمع الإسرائيلي المتصاعدة؛ لا في كتاب عادي يتحدث عن «مدينة تل أبيب» التي ــــ بالمناسبة ــــ قامت على أنقاض يافا وتشريد شعب فلسطين (هذه معلومة عامة فيما نظن). بالطبع لسنا من هواة المزايدة، ولا نقف في صف الديماغوجية، كما نعرف مواقف جيدة للكتّاب المشاركين في الكتاب؛ لكن إدراج «مدينة تل أبيب» في هذا السياق يؤدي إلى تفسير سياسي وأخلاقي لا نظن أنّه يغيب عن وعي الغيطاني وفركوح وسليمان وبقية المشاركين.
في كتاب جمانة حداد «الشرق أوسطي» الجديد، يجري الالتفاف ـــ بوعي أو من دون وعي ــــ على «تقدمية» لاؤور باتجاه تقديم تل أبيب (بقصد أو بغير قصد) ضمن البانوراما الطبيعية لـ «الشرق الأوسط» (لا يتردّد الكتاب في عنوانه باستعمال هذا المصطلح الاستعماري لوصف المنطقة). كلام كثير يثار بشأن مواهب حداد وإبداعاتها اللانهائية. ومن المقلق فعلاً أن تصل هذه الإبداعات إلى تخوم تل أبيب! ومن المقلق أيضاً أن يمرّ كتاب كهذا على وعي هذه النخبة من الكتّاب العرب الذين قبلوا بسرد قصص مدنهم مع «قصة تل أبيب» في إطار واحد يشي بقبولها مدينةً طبيعيةً في «الشرق الأوسط».
"الاخبار" ، 19 فبراير 2010
http://www.al-akhbar.com/ar/node/98874
خطورة التطبيع "الأمازيغي" مع الصهيونية
عبد الله اوباري
في البداية، لابد أن نعترف أن ناشطي الحركة الأمازيغية ليسوا هم الذين بدؤوا التطبيع ولا هم من يقومون وحدهم بذلك، بل –إنصافا- هم يمثلون أقلية قليلة جدا بالنسبة إلى باقي المطبعين.. فالمغرب- حسب تقرير مركز الإحصاء ''الإسرائيلي''- تصدَر لائحة السياح العرب إلى ''إسرائيل'' خلال سنوات 2006 و2007 و2008، كما أن عدد السياح المغاربة ضاعف بعض البلدان التي تضم أكبر عدد من اليهود مثل كندا والأرجنتين، ويمثل السياح المغاربة أكثر من ثلثي مجموع السياح القادمين من بلدان إفريقيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2008، إذ سجل مجموع هؤلاء 38 ألف سائح ، في وقت سجل فيه المغرب لوحده أزيد من 28ألف. وهو رقم يفوق بكثير عدد اليهود المغاربة الذين لا يتجاوزون أربعة آلاف، رغم غياب أي علاقة رسمية بين المغرب وإسرائيل. ولا يمكن لأحد أن يدعي أنهم كلهم أمازيغ.. فأين يكمن المشكل إذن؟
للجواب على هذا التساؤل، لا بد من إظهار خطورة التطبيع في الجانب الأمازيغي..
نعلم أن كل المحاولات السابقة لتأسيس "جمعيات الصداقة الأمازيغية اليهودية" ينفي القائمون عليها بشدة أي علاقة لإسرائيل بالموضوع.. بل كانوا يصرون على أن الأمر لا يعدوا كونه ربط علاقات بين اليهود الأمازيغ في جميع أنحاء العالم وبين نظرائهم الأمازيغ في المغرب، بهدف الحفاظ على الهوية الأمازيغية لليهود ذوي الأصول المغربية والتواصل مع جذورهم وجعلهم فاعلين في التنمية المحلية بمسقط رأس أسلافهم بالمغرب ونشر ثقافة السلم والتسامح والعمل على تشجيع حوار الحضارات والثقافات.
إلا أن بعض الأهداف المعلنة آنذاك تلقي الكثير من الضوء على نوايا أصحابها، كإعادة الاعتبار للمكون اليهودي في الهوية المغربية وتدريـس تاريـخ اليهـود المغاربة في المدارس المغربية وإدماج الثقافة اليهودية فـي وسائل الإعلام السمعي والمرئي...
في الأشهر الأخيرة حصل تحول ملفت في خطاب الجناح الداعي إلى التطبيع، والشواهد كثيرة على ذلك..
أصبحنا نسمع أن العلاقات مع إسرائيل " مصلحة أمازيغية لمواجهة الاستهداف العربي والإسلامي".. وأن اليهود " خدمونا وعلمونا الحرف اليدوية وكانوا تجارا يجلبون قوتنا من كل بلاد الدنيا، فلماذا نكرههم ونحب العرب الذين لم يجلبوا لنا سوى الخراب والدمار والتخلف والكراهية والحقد على كل ما هو جميل" و أن " اليهود في شمال إفريقيا هم أصحاب الأرض وهم السابقون والعرب مجرد غزاة".. واختارت "العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان"، التي تشتغل في المجال الحقوقي، أن تنوه بزيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسبي ليفني - التي زارت المغرب في الشهر الماضي للمشاركة في مؤتمر "ميدايز" بطنجة - وعممت بلاغا قالت فيه إنها ترحب بالزيارة ووصفتها بـ"الميمونة".
بل وصل الأمر ببعضهم إلى القول أيام العدوان على غزة: "أقتلوهم كما شئتم. فنحن المغاربة والأمازيغ على وجه التحديد، لا دخل لنا في الأمر". وأضاف آخر: ''إن الموضوع لا يهمني ولن أعطي تصريحا فيه''. وصرح آخر: "لا علاقة للأمازيغ بفلسطين ولا بالقضية الفلسطينية، وأنه يجب علينا القطع مع المشرق ثقافيا وسياسيا".. كما بدأنا نسمع- زيادة في التمويه- أن "التطبيع في هذا الوقت في صالح قضية الصحراء المغربية" وأن "هناك ضغط من لوبي من اليهود المغاربة يعملون لصالح المغرب وأن التواصل معهم ضروري"..
أعتقد أن التطبيع في حالتنا هذه ليس تطبيعا عاديا، فهو بالإضافة إلى كونه محاولة للتقارب مع عدو الأمة، فإنه أيضا يبطن دعوة للتصادم بين أبناء الشعب الواحد، وهو أخطر ما في هذا اللون من التطبيع، والمقاومة في هذه الحالة تتطلب مجهودا إضافيا لامتزاجه بالعرقية ..
يحاول المعنيون إيجاد تبريرات مقنعة للزيارة، بدون جدوى، ويتحاشون، في كل مرة، الرد الواضح على التساؤلات المقلقة بخصوص تسارع وتيرة تغلغل الصهاينة في الملف الأمازيغي .
في البداية، كان المتتبعون يعتقدون أن مبادرات تأسيس جمعيات الصداقة اليهودية الأمازيغية والزيارات التي تقوم بها فعاليات أمازيغية، ترمي فقط إلى الاحتماء بإسرائيل والاستقواء بها على المغرب، وجعل تل أبيب جسرا للمرور إلى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من أجل الحصول على الدعم السياسي أو المالي، بينما لا يتردد آخرون في القول إنها مجرد تحركات، تقوم بها جمعيات صغيرة لتسليط الضوء عليها في الداخل والخارج، أو إشهار أشخاص لا يحظون بالترحيب حتى وسط الأمازيغ في الداخل.. لكن الذي يبدوا جليا اليوم، هو ما رجحناه منذ بداية البوادر الأولى للصهينة، وهو أن هذه المبادرات تدخل ضمن مخطط صهيوني للتطبيع وزعزعة الاستقرار بالدول الإسلامية لإضعافها وفرض الهيمنة الصهيونية عليها..
التطبيع الذي يقوده هؤلاء المحسوبين على الأمازيغ مر بمراحل ثلاث في زمن جد قياسي: مرحلة السرية والإنكار ومرحلة التبني بخجل ثم مرحلة التبجح والمحاججة.. كل ذلك في غضون سنتين ونصف فقط، أي منذ مشاركة الأستاذ الدغرني ورفاقه الأربعة في ندوة عالمية نظمتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في تل أبيب (دجنبر 2007) تحت شعار مناهضة عدم التسامح والتمييز العنصري!..
كل المؤشرات تدفع إلى تنامى تخوفات المتتبعين من وقوع الحركة الأمازيغية في حبائل المخابرات الصهيونية والأمريكية وتوظيفها في إطار المجهودات الحثيثة التي تقوم بها لمحو محرقة غزة من الذاكرة ، وصرف أنظار العالم عن محرقة الحصار المتواصلة على غزة، الذي يشكل جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي مستمـرة .
وكانت آخر هذه المبادرات ما قامت به مجموعة من الناشطين الأمازيغ، يقدر عددهم بـ18 شخصا، زاروا إسرائيل للمشاركة في دورة تكوينية حول تاريخ المحرقة اليهودية "الهولوكوست" المزعومة خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أكدت "دوريت نوفاك"، مديرة معهد "ياد فاشيم" الذي نظم الدورة التكوينية، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية في القدس "لقد استقبلنا مجموعات من أكثر من خمسين بلدا على مستوى العالم، لكن هذه المرة أدركنا أهمية رسالتنا، وهي تعميم ذكرى المحرقة في العالم أجمع". وتعد هذه المرة الأولى التي يشارك فيها وفد بهذه الأهمية قادما من دولة إسلامية!..
خطورة ما فعله هؤلاء تكمن في أنهم ذهبوا ليتلقوا رواية الكيان الصهيوني عن المحرقة، ومحاولة ترويجها في صفوف الناشئة، مما يشكل خطورة على أجيالنا يستوجب حمايتهم. فالإسرائيليون لم يسعوا إلى دعوة هؤلاء الأساتذة للنزهة، وإنما ليلقنوهم الرواية الإسرائيلية المثقلة بالأساطير.. الشاهد على ذلك أن متحف "ياد فاشيم"، اشترط،لاستقبال وفد المغرب، أن ينتمي كل أعضائه إلى قطاع التعليم، وذلك حتى يتمكن هؤلاء من تمرير ما تعلموه حول المحرقة لتلاميذهم بعد عودتهم إلى الوطن.
الزيارة ''السرية'' التي لم يعلنوا عنها إلا بعد نهايتها، محاولة لفتح نافذة التعليم المحصنة للتطبيع ، وهو جرم في حق القضية الفلسطينية وفي حق المواقف التاريخية للشعب المغربي وفي حق علاقة الأمازيغ بفلسطين التاريخية. ومن هنا يمكن أن نفهم دعوة جمعيات الصداقة إلى تدريـس تاريـخ اليهـود المغاربة في المدارس المغربية وإدماج الثقافة اليهودية فـي وسائل الإعلام السمعي والمرئي.. و هو ما يحتم علينا حماية منظومتنا التربوية من نماذج مستوردة من كيان صهيوني يسطو على الأرض ويحرق الأخضر واليابس ويبيد الإنسان..
فالأمازيغ، بكل تاريخهم المشرف في الجهاد والعلم، يرفضون بالطبع مبادرات وضيعة تحمل اسمهم الذي لا يرضون له أن يمرغ في الوحل.
إن رفض الأمازيغ عموما وأمازيغ المغرب خصوصا أن يكونوا أدوات في يد الصهيونية العالمية، لا بد أن يترجم إلى مبادرات عملية تعبر للعالم عن حقيقة مواقفهم الأصيلة، ألا وهي مقاطعة الكيان الصهيوني والعمل على إنهاء احتلاله لفلسطين.
المطلوب إذن، هو التصدي لكل المبادرات التطبيعية باعتبارها خيانة وطنيــة ودينية، بل والتصدي بالحزم الضروري لكل المحاولات الرامية إلى زرع بذور الفتنة العرقية أو الطائفية بالمغرب.. فتََلَقي الضربات بنوع من السلبية شجع أمثال هؤلاء الذين يتآمرون في خفاء، على أن يفعلوا ذلك في واضحة النهار دون الخوف من ردود الفعل المستنكرة.
إذا كانت الحركة الأمازيغية تصف نفسها بكونها تنظيما حضاريا نابعا من صميم المجتمع المدني وتدافع عن قضية عادلة تتمتع بمصداقية تاريخية فإن المنحى الأخير الذي تتجه إليه القضية يسيء لسمعتها داخل الصف الأمازيغي.. لذلك فإن الحاجة لنقاش أمازيغي/ أمازيغي أصبح أكثر إلحاحاً مما مضى، لأن ذلك هو المدخل للحيلولة دون تطور الوضع إلى واقع معقد في المستقبل قد لا تحمد عقباه..
بيان للمخلصين في شعبنا وأمتنا:
الأصل المقاومة وليس التفاوض
تضع قوى المقاومة خطط عملها انطلاقاً من تناقضها مع عدوها، واصطفاف القوى وتوازناتها، فدور القوى هو التمسك المطلق بالحق، وفهم شروط الصراع وجوهر اللحظة وليس الحفاظ على القوى نفسها فقط. على هذه القاعدة التي تؤكد ان التناقض مع الاحتلال تناحري، وأن الخيار الذي تعرضه المرحلة هو إما التسوية وإما المقاومة. واي موقف لصالح التسوية التي جوهرها مفاوضات ليس إلا موقفاً ضد المقاومة هدفه الحفاظ على المكاسب اليومية لمن هم في السلطة و/أو من استفادوا وكوفئوا من التسوية ثم شجبوها.
إن تنشيط الحديث عن مفاوضات في هذه اللحظة هو تحريك أميركو-صهيوني لأدواتهما في المنطقة لإنعاش المشروع الأميركي للشرق الأوسط الجديد، بعد الضربات التي اعاقته. وهو إعادة اصطفاف قوى التسوية وهوامشها شبه الرافضة التي تتلطى وراء المطالبة بتجميد الاستيطان وتحديد مرجعية أو بنصف مرجعية أو بشبه مرجعية، رافضة فهم التاريخ وتجربة مفاوضات لم تسفر سوى عن اغتيال القضية.
تقتضي المرحلة أن نذهب إلى شعبنا، ونحن من أوساطه، لاستفتائه على الأساسيات التالية: هل للعدو حق في ارضنا حتى نتفاوض معه، وهل توحي عقيدته وسياساته لنا بغير وجوب المقاومة؟ ام أن التفاوض هو لحماية مصالح فئات طفيلية وتابعة. وهل يحق لمن شارك في المفاوضات التفريطية"المباشرة وغير المباشرة" منذ بداية المقاومة وخاصة في مدريد/أوسلو أن يستمر في موقعه ودوره. وهل يمكن في عالم رسمي يصطف مع العدو بوضوح ان يوفر لنا مرجعية ولو حتى محايدة؟
تتضمن الإجابة على هذه الأسئلة أن كلاً منا مطالب بالاصطفاف في أحد معسكرين، وليس فيهما معاً: فإما اختيار مبدا/موقف المقاومة الذي يحاول الإجابة والاستجابة لتحدي شّدَة التناقض مع العدو ومن وراءه حتى في أوساط شعبنا وامتنا، وإما الغطس اكثر في الضياع والتضييع التفاوضي الذي يضع مصالح فئات وشرائح في سلطة الحكم الذاتي فوق القضية.
ومن حق شعبنا وأمتنا أن يتمسكا بأن القضية لم تعد فلسطينية بحتة وفي أيدي محترفي التفاوض العبثي، سواء باسم م.ت.ف التي قتلوها بايديهم ليرفعو عند الحاجة جثمانها ليقوم بالتفاوض، وأن الرد على هذا العبث كله هو خيار المقاومة الشعبية الفلسطينية والعربية والإسلامية طويلة الأمد في وجه العدو والمساومة الرسمية. إن المصالحة الوطنية الفلسطينية ضرورة ملحَّة شريطة أن تكون على قاعدة المقاومة لا المساومة.
الموقعون:
الأسم
المهنة
البلد
1
بسام الشكعة
رئيس بلدية نابلس السابق
نابلس المحتلة
2
د. عبد الستار قاسم
محاضر في جامعة النجاح
نابلس المحتلة
3
د. حسن خريشة
عضو مجلس تشريعي
طولكرم المحتلة
4
د. مجدي حمايل
5
إحسان سالم- أبو عرب
6
د. مسعد عربيد
الولايات المتحدة
7
د.نور الدين مصطفى
كوبا
8
الطاهر المعز
فرنسا/تونس
9
سعادة ارشيد
10
د. سوسن مروة
رام الله المحتلة
11
أنس برغوثي
محامي
رام الله المحتلة
12
رائدة خفش
رام الله المحتلة
13
أمال وهدان
صحفية
البيرة المحتلة
14
د. عبد الرحيم كتانة
نابلس المحتلة
15
د. عادل سمارة
رام الله المحتلة
16
د. إبراهيم خليل اللدعة
رام الله المحتلة
17
د. محمود سعادة
الأطباء الدوليين للحماية من الحرب النووية
الخليل المحتلة
18
مصطفى الكرد
موسيقي
القدس المحتلة
19
صالح أبو عيدة
محامي
نابلس المحتلة
20
محمد وائل اسليم
محامي
نابلس المحتلة
21
عبد الرحيم الريماوي
صحفي
22
منال زيدان
لجنة القوى الوطنية والاسلامية
طولكرم المحتلة
23
جادالله صفا
البرازيل
24
حسين بالي
كاتب
تونس
25
سليم حجار
الجمعية الأهلية لمناهضة الصهيونية
سوريا
26
جميل خرطبيل
27
م. جمال بطراوي
مكتب سياسي جبهة النضال الشعبي
غزة
28
سالم خليفة
29
جمال عبد الرحمن
الحزب الديمقراطي التقدمي
تونس
30
جلنار الرمحي
صيدلانية
الأردن
31
يوسف أبو دية
الولايات المتحدة
32
أحمد قنديل
عضو اتحاد الكتاب الفلسطينين
سوريا
33
ماجد عاطف
كاتب وقاص
رام الله المحتلة
34
عدنان كنفاني
أديب وكاتب وصحفي
سوريا
35
سوسن البرغوثي
صحفية
رام الله المحتلة
36
جبريل محمد
37
وسام محمود عبد الكريم
ناشط بالعمل المدني المجتمعي
غزة
38
د. هدى فاخوري
لأردن
39
د. عبد الناصر دراغمة
40
صبحي البداوي
مساعد قانوني
استراليا
41
عفاف الدجاني
رئيسة جمعية دار الرعاية الصحية
القدس المحتلة
42
كمال أبو ندى
مدير بنك القدس للمعلومات
رام الله المحتلة
43
وائل طحيوة
44
م. محمد حنون
إيطاليا
45
فائز البرازي
كاتب وباحث
سوريا
46
السيد العزونى
كاتب الحزب العربى الدمقراطى الناصري
مصر
47
صبحي البداوي
مساعد قانوني
استراليا
48
عفاف الدجاني
رئيسة جمعية دار الرعاية الصحية
القدس المحتلة
49
كمال أبو ندى
مدير بنك القدس للمعلومات
رام الله المحتلة
50
وائل طحيوة
51
م. محمد حنون
إيطاليا
52
فائز البرازي
كاتب وباحث
سوريا
53
موسى الملاحي
السويد
لإضافة أسمك ومهنتك ومكان اقامتك الرجاء ارساله عبر:
Watan1free@yahoo.com
18 شباط (فبراير) 2010
◘ في ذكرى إستشهاد حسين مروّة: إلى جدّي "الساهر" على الجمر، سوسن مروّة.
◘ الانتخابات الأوكرانية ومعركة الفلوجة العراقية، د. ثائر دوري.
◘ أما بعد... عليهم يا عرب، سعاد جروس.
إلى جدّي "الساهر" على الجمر
سوسن مروّة
لا يبدأ عندي الزمن منذ اللحظة ـ المناسَبة . أنت حاضر خارج المناسَبة – حدث الاغتيال الجسدي.لا أستعيدك في مناسبات استشهادك ، بل إنني أهرب من تلك المناسبات التي تجمّدك في فضاء الذكرى حاجبةً ألق فكرك وحضورك الإنساني الغامر.. مقلٌّ للكلام أنتَ؛ لكنّ وجهك، بكلّ قسماته، يعكس فيضاً غامراً من الحب الذي يتجاوز أواصر الدم ليعمّ " كلّ ما هو جميل وإنساني" وكلّ ما هو "عميق ونبيل". هذا هو الإنسان الناظر إلى الحياة بتفاؤل الماركسي وقلق المفكّر وحبّ الفيلسوف.حين تحضر ذكرى استشهادك تتوارد الأقلام لاجترار جمل عتيقة صُفّت بعناية وبقدر من الأناقة الأدبية فيغيب حسين مروّة : الإنسان والمناضل.. لم تكن فقط (وما تزال) ذلك المفكر الذي عبّد الطريق (من بين ثلّة من المفكرين) أمام الباحثين ليُعمِلوا أدواتهم النقدية في التراث الفكري العربي - الإسلامي وفي الأدب والنقد ضمن رؤية تقدمية ، بل أنت أيضاً قوّة المثال وطاقته التي تمدّنا بشحنات الصمود في زمن الردّة الفكرية والأخلاقية الثورية.. أنت الإنسان الذي سعى لأن يكون دوماً "شيوعياً نقياً" رافضاً في سلوكه اليومي ، وفي فكره، أيّ مساومة على مبادئه وإنسانيّته!نعم، وُلدتَ شيخاً، يسري الخجل والحنوّ في شرايين تعامله الإنساني مع من حوله كما تسري جرأة الطرح وشجاعة الاختلاف في ثنايا فكره المتوهج الحرّ.. ومتَّ طفلاً يطرح الأسئلة تلو الأخرى في رحلة بحثٍ معرفيٍّ غير متعالٍ على الواقع وضرورات تغييره؛ فقطعت سرّة التقاليد والقوالب الجاهزة مؤسساً لمنهجٍ، تغيّرت لغةُ التعبير عنه واتّسعت آفاقه ولم تتغير منطلقاته، وزارعاً لبذرةٍ قد أثمرت الكثيرين من المناضلين الأحرار ... وقد جمعت بين وقار السلوك والفكر ورزانته وبين فرح الأطفال وسعادتهم الغامرة المندفعة.
حسين مروّة نموذج ومثال لجميع المناضلين الذين ما زالوا ينظرون إلى الحياة كساحة للصراع والعمل في سبيل تحرر الشعوب من التبعية والاستغلال وتحقيق العدالة الاجتماعية . وما الصراع إن لم يكن ممارسةً وكفاحاً مثابرين لا يتورّعان عن التضحية بالوقت والمال والجهد من أجل قضايا شعوبنا العادلة والحقّة؟! .. وما الصراع إذن، إن لم يكن التحام الفكر بالممارسة في علاقة جدلية ومتلازمة عبّر عنها الشهيد مهدي عامل أدقّ وأفضل تعبير حين وصف هذا الفكر بالمناضل " اليانع أبداً، اليقظ دائماً " ..؟في زمن الردّة؛ حيث ينظّر مرتزقة المرحلة (وبعض المناضلين السابقين) للاستسلام وللسقوط في أحضان المشاريع الاستعمارية المتجددة بزيّ مؤسسات التمويل المشبوه ومسمّيات تقبّل الآخر والتسامح والتعايش مع العدوّ وحيث يبرّر مناضلو المرحلة استسلامهم المذلّ ويأسهم بذرائع من قبيل الواقعية السياسية؛ لا يسعنا في هذه المرحلة، وأكثر من أي وقت مضى ، إلا أن نتمسك بنماذج من طراز حسين مروّة ومهدي عامل وناجي العلي وغيرهم من المناضلين الذين ظلّوا، وحتى اللحظة الأخيرة، أوفياء لمبادئهم- التي قد يعتبرها مناضلو الأمس الغابرين مرحلةً رومانسيةً ساذجة قد مضت وانقضت ـ وبذلوا حيواتهم دفاعاً عن إنسانيتهم .
الانتخابات الأوكرانية و معركة الفلوجة العراقية
د. ثائر دوري
يمكن اعتبار كتاب بريجنسكي المعنون "رقعة الشطرنج الكبرى" على أنه الرؤية الاستراتيجية التي تحكم عمل الإدارات الأمريكية في البيت الأبيض من أجل إدامة الإمبرطورية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين، أما الإختلاف بين بريجنسكي وبين المحافظين الجدد فهو اختلاف على الوسائل و ليس على الأهداف.في هذا الكتاب فائق الأهمية يرسم الكاتب رؤية استراتيجية لكل دولة من دول العالم، ولكل منطقة في إطار الهيمنة الأمريكية على العالم، وما يعنينا هنا -بمناسبة نتائج الانتخابات الأوكرانية- رؤية بريجنسكي لاحتواء روسيا التي تعتبر استعادتها لعافيتها أمراً ممنوعاً أمريكياً لأنها بثرواتها، وسلاحها النووي، وحيويتها العلمية تشكل تهديداً مستمراً لمشروع القرن الأمريكي الجديد. في هذا الكتاب لا يَردُ حديث لبريجنسكي عن روسيا إلا ويذكر، قبله أو بعده، أوكرانيا. فبريجنسكي ومخططو القرن الأمريكي الجديد يعتبرون الهيمنة على أوكرانيا مفصلاً أساسياً في مشروعهم للهيمنة على روسيا وعلى أورآسيا."أوكرانيا دولة محورية لأن وجودها كدولة مستقلة يساعد على تحويل أو تغيير موقف روسيا، وهكذا، فإن روسيا بدون أوكرانيا لا تشكل امبرطورية أوراسية".ويلخص بريجنسكي الدور المحوري لأوكرانيا بالنسبة لروسيا بالتالي:
1- أنها دولة سلافية و بدونها و سكانها البالغين خمسين مليوناً لا يمكن لأي مشروع روسي ذي وجه سلافي أن يعيد تشكيل الفضاء السوفيتي السابق تحت قيادة روسيا.
2- ثرواتها الزراعية والصناعية الكبيرة.
3- موقعها على البحر الأسود حيث كانت أوديسا باباً حيوياً لروسيا للمتاجرة مع حوض المتوسط. كما أن مشكلة أسطول البحر الأسود الروسي قائمة. وبالتالي فحرمان روسيا من أوكرانيا يعني إبعادها عن المياه الدافئة التي يعني الوصول لها نهوض قوة عالمية.
4- موقعها في أوربا الوسطى و لعبها دور الحاجز بين أوربا و بين روسيا، فروسيا بدون أوكرنيا ستصبح دولة آسيوية، وربما تفقد خصائصها السلافية ديموغرافياً و جغرافياً. ويلخص بريجنسكي الأمر بأن أوكرانيا تستطيع لوحدها أن تكون ضمن أوربا، أما روسيا فلا تستطيع ذلك بدون أوكرانيا. و إبعاد أوكرانيا عن روسيا يعني إبعاد روسيا عن أوربا. وهذا حيوي لمشاريع الهيمنة الأمريكية فاندماج روسيا في أوربا ممنوع أمريكياً، لأنه خطر على السيطرة الأمريكية و قد رأينا أن موقفاً موحداً من التحالف الفرنسي – الألماني – الروسي أعاق استصدار قرار من مجلس الأمن يجيز غزو العراق ولو استمر هذا التحالف لغيّر وجه العالم.الاستنتاج الأساسي الذي يخلص به المرء بعد قراءة النقاط السابقة أن سيطرة أمريكا على أوكرانيا عبر ضمها إلى حلف شمال الأطلسي لإبعادها عن روسيا نهائياً، بل واستخدامها قاعدة للانقضاض على روسيا يعد أمراً حيوياً لاستمرار السيطرة الأمريكية عبر أوراسيا، وذلك بإبقاء روسيا ضمن زجاجة محكمة الإغلاق.في عام 2005 اندفع الأمريكان بقوة في الساحة الأوكرانية عبر ما سمي يومها بالثورة البرتقالية، وهي ثورة اشتركت في صناعتها أجهزة الاستخبارات الغربية مع منظمات ما يسمى بالمجتمع المدني الممولة من مؤسسات تابعة لسوريس و مادلين أولبرايت وأمثالهما. وبعدها بدأ يُطرح بقوة ضم أوكرانيا إلى حلف شمالي الأطلسي بالتزامن مع ضم القاعدة الأمريكية الأخرى على البحر الأسود نعني نظام سيكاشفيلي في جورجيا، الذي جاء هو الآخر بثورة ملونة أخرى، ثورة القرنفل. وهذا الأمر لو تم لأدى إلى خنق روسيا بشكل تام وصولاً لتفتيتها إلى ثلاث دول كما سبق و طرح بريجنسكي ذاته في مكان آخر.لكن بين عامي 2005 – و 2010 بدا أن التاريخ قد دار دورة كاملة وعاد إلى نقطة البداية، فنفس الشخص الذي يُسمى مرشح موسكو والذي سبق وخسر انتخابات 2005 عاد ليربح انتخابات 2010. لكن التاريخ لا يعود للوراء بل هو في تقدم مستمر، فما الذي جرى؟لمن أراد أن يفهم حقيقة ما جرى بين عامي 2005 – 2010 في أوكرانيا عليه أن يعود ليقرأ ما جرى في مدينة الفلوجة العراقية عام 2004 م. لقد أعطبت هذه المدينة العراقية الصغيرة مشروع الهيمنة الأمريكية "نحو قرن أمريكي جديد" على العالم.لقد أعطب المقاومون في العراق، بشكل أساسي، ثم في لبنان و فلسطين مشروع الهيمنة الأمريكي على القرن الحالي فبدأ ينحسر على كل الجبهات ومنها الجبهة الروسية التي انتفضت على محاولات تطويقها فأدبت نظام سيكاشفيلي في جورجيا عام 2008 عسكريا، ثم تركته كورقة صفراء في الخريف تنتظر أول هبة ريح لتسقط، وهاهي تستعيد أوكرانيا عبر صناديق الاقتراع لتدق مسماراً إضافياً في نعش مشروع القرن الأمريكي.
أما بعد... عليهم يا عرب
سعاد جروس
توقع الكاتب ديفيد كرونين أن يلقى كتيبٌ صدر أخيراً بعنوان “تربيع الدائرة: العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وعملية السلام في الشرق الأوسط” إقبالاً واهتماماً كبيرين من جانب دوائر صنع القرار في المفوضية الأوروبية، وقال الكاتب في مقال نشرته وكالة (انتر بريس سيرفس): “إن جماعات الضغط الموالية لإسرائيل تُصعِّد مطالبها للاتحاد الأوروبي بإعادة توازن أولوياته وتوثيق روابطه بإسرائيل بغض النظر عن مسار السلام، ضمن حملة جديدة تشهدها أروقة المفوضية الأوروبية”.وبحسب ما ذكره كرونين، أن الكتيب الذي ألفه إيمانويل اوتولينغي صدر عن مركز الدراسات الأوروبية؛ مركز الأبحاث الرسمي لشبكة الأحزاب الديمقراطية المسيحية والأحزاب المحافظة التي تهيمن حالياً على الحكومات الأوروبية. واوتولنغي مدير معهد “عبر الأطلسي” في بروكسل، وهو مركز البحوث الذي أسسته اللجنة الأميركية اليهودية في العام 2004، وهي اللجنة التي نجحت في إقناع الاتحاد الأوروبي بأن الانتقادات الموجهة لإسرائيل محض افتراءات عامة ضد اليهود. كما يذكر الكاتب أيضاً أن “مركز الاتحاد الأوروبي حول العنصرية وكراهية الأجانب” (الذي أعيدت تسميته لتصبح وكالة الحقوق الأساسية) والذي أعاد في العام 2005 تعريف مناهضة السامية، أعلن أنه وضع تعريفه بالتشاور مع اللجنة الأميركية اليهودية ورابطة مكافحة التشهير المشابهة للجنة في توجهاتها.
ينص التعريف على: أن الانتقادات التي تطعن بإسرائيل بمثابة “مسعى عنصري”. وكذلك الانتقادات التي تقارن الهجمات الإسرائيلية للفلسطينيين بالتصرفات النازية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث قرر الاتحاد الأوروبي تعريفها على أنها مناهضة للسامية. وفي كتيبه الجديد يستند إيمانويل اوتولينغي إلى هذا التعريف في مطالبته الاتحاد الأوروبي إعلان الجهات المنتقدة لإسرائيل جهات “غير مؤهلة للحصول على تمويل من بنود ميزانية الاتحاد المعنية بالترويج لحقوق الإنسان والديمقراطية”. ويستغرب اوتولينغي أن يكون الاتحاد الأوروبي قد مول منظمات غير حكومية قامت بأنشطة تصف إسرائيل بالعنصرية.هل هناك كلام أوضح من ذلك حول نشاطات الجماعات الموالية لإسرائيل في الضغط على الغرب، الذي يظهر سخاءه في دعم المنظمات غير الحكومية في مجتمعاتنا العربية؟ او هل هناك أوضح مما كتبه عبد الستار قاسم في (نشرة كنعان) حول مساعي الأوروبيين لجر العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً إلى التطبيع مع إسرائيل من خلال تمويل نشاطات في مجالات متنوعة تهدف إلى جمع الإسرائيليين مع العرب، في مؤتمرات وتجمعات متعددة في البلدان العربية وخارجها. ليس آخرها “اتحاد جامعات البحر الأبيض المتوسط” التي تضم جنباً إلى جنب جامعات إسرائيلية وأخرى غربية بعضها ليست متوسطية الى جانب جامعات عربية بعضها من دول الطوق!!وإذا كان الكاتب عبد الستار القاسم يطالب الجامعات العربية بالانسحاب من هكذا اتحاد وربط مشاركتها بطرد الجامعات الإسرائيلية، فإننا لا نطالب بذلك رغم أحقيته ورغم أنه أيضاً أضعف الإيمان لما يمكن للعرب أن يفعلوه إزاء كيان معاد ماض في جرائمه، ولم يتوقف يوماً عن قتل وتشريد الفلسطينيين، ولا عن تهديد دول المنطقة وفي مقدمتها لبنان وسوريا بـ”حرب شاملة” ما لم تقبل بشروط تحقيق سلام يضمن أمن إسرائيل أولاً ومقابل لا شيء.نقول لا نطالب بذلك، وإنما نطلب فقط من النخب العربية وبالأخص المتطلعين إلى الدعم الغربي بالتدقيق في هذا الدعم وهذه الدعوات، وقبول الرأي المخالف لرأيهم من دون استنفار مسبق للرد على الاتهام بالخيانة قبل أن يتهمهم أحد، بغية مصادرة أي طرح جدي عن الخروقات الإسرائيلية المتكاثرة للثقافة والمثقفين العرب، وتحويلها إلى محض نكايات شخصية، أو تنافس على المنافع ومصادر الرزق، كما جرى في المعركة الأخيرة التي تصدت لها بشجاعة أدبية تحسد عليها الروائية والباحثة الدكتورة ناديا خوست على صفحات الصحافة السورية الرسمية، وبدل أن تُشكر على جرأتها في زمن الجبن والتخاذل الثقافي العربي، خرجت جوقة “أنا ومن بعدي الطوفان” لتحول النقاش في قضية قومية ووطنية كبرى، تتعلق بالسياسات الثقافية الدولية، الى مماحكات تافهة تحركها اتهامات بالغيرة والحسد بين أشخاص رأسمالهم الكلمة، إن شاءوا كانت ممسحة زفر، وإن شاؤوا سماً ينفثونه في وجه من يظنون أنه يقف في طريقهم.وُضعت الدكتورة خوست بكل سجلها الأدبي والوطني المرموق في قفص الاتهام بدعوى التخشب، إن لم نقل الرجعية والتخلف، مع أنها لم تستهدف في معركتها أشخاصاً بل مؤسسات ثقافية وإعلامية عربية تراجع دورها، وغفت على خزيها، وهي لم تتهم بالخيانة أحداً، وإنما تساءلت كما يحق لأي مواطن عربي معني بقضايا وطنه أن يتساءل، فكيف إذا كان أديباً ومثقفاً، أليس من واجبه التنبيه إلى الثغرات التي يمرَّر من خلالها التطبيع؟ومن المؤسف فعلاً أن الصحيفة “الحكومية” والتي من المفترض أنها وطنية والتي تنشر فيها خوست مقالها الأسبوعي اختارت إدارتها الوقوف ضد خوست، وبما يخالف أبسط الأعراف المهنية، فعدا الإساءة المتعمدة في الطريقة غير اللائقة بإخراج مقالها الأسبوعي، ومنع أحد مقالاتها، التي تناولت موضوع الخروقات، من النشر في اللحظات الأخيرة، أتاحت إدارة الصحيفة شن هجوم مضاد على ما أوردته خوست؛ هجوم منذ بدايته سقط في الدائرة المفرغة (الاتهام ورد الاتهام)، وذلك بدل فسح المجال للنقاش وطرح جميع الآراء وبما يرتقي بالحوار الوطني، خصوصا وأن مقالات خوست استندت إلى معلومات، وهي على فرض أنها لم تكن حقيقية أو يخالطها اللبس فلا شك في أنها تستحق التفنيد، ورد الحجة بالحجة، لا ردود انفعالية تهويشية، من قماشة (عليهم يا عرب) بهدف خلط الأوراق وتغطية السماء بالعماء، فالقضية ليست ضغائن شخصية، وإنما سياسات إعلامية وثقافية لا يجوز ترك إدارتها لمن لا تعنيه شؤون الثقافة، لا من قريب ولا من بعيد، بل لا يرى فيها أكثر من نشاط ترفيهي لقطاع فقير يؤمه الفقراء.والسؤال يبقى عن سياسات دول المواجهة، عما إذا كانت تؤيد الصمت عن التنبيه إلى الثغرات والى الخروقات الإسرائيلية والغربية؟ أم أن شؤون الثقافة معزولة عن التوجه السياسي العام، وعن قضايانا الأساسية في منطقة لا تزال آلة الاحتلال العسكرية تعيث بها فساداً وتفتيتاً من المحيط إلى الخليج.
"الكفاح العربي"، 12 شباط
|